و هذا التاكيد يحصل من جهة المرأة؛ بأن لا يكون فى يديها إيقاع هذه
الفرقة؛ فإنها بالحقيقة واهية [1] العقل، مبادرة إلى طاعة الهوى و الغضب.
و يجب أن يكون إلى الفرقة سبيل مّا، و أن لا يسّد ذلك من كل وجه؛ لأن
جسم أسباب التوصّل إلى الفرقة بالكلية يقتضى وجوها من الضرر و الخلل:
منها أن من الطبائع ما لا يؤالف بعض الطباع، فكلما اجتهد فى الجمع
بينهما زاد الشر و البنوّ و تنغّضت [2] المعايش.
و منها أن من الناس من يمنى بزوج غير كفؤ، و لا حسن المذاهب فى
العشرة، أو بغيض تعافة الطبيعة، فيصير ذلك داعية إلى الرغبة فى غيره، إذ الشهوة
طبيعية؛ و ربما أدى ذلك إلى وجوه من الفساد، و ربما كان المتزاوجان لا يتعاونان
على النسل؛ فإذا بدّلا زوجين آخرين تعاونا؛ فيجب أيضا أن يكون إلى المفارقة سبيل،
و لكن يجب أن يكون مشددا فيه.
فاما أنقص الشخصين عقلا، و أكثرهما اختلافا و اختلاطا و تلوّنا، فلا
يجعل فى يديه من ذلك شىء، بل يجعله إلى الحكام، حتى إذا عرفوا سوء صحبة تلحقها من
الزوج الآخر فرقّوا.
و أما من جهة الرجل فإنه [3] يلزمه فى ذلك غرامة لا يقدم عليه إلّا بعد التثبت و بعد استظهار [4] ذلك لنفسه من كل وجه، و مع ذلك
فالأحسن
[1] - أكثر نسختنا «واهية العقل» و بعضها «واهية العقد» بمعنى
العقيدة، و في نهج البلاغة (الخطبة 78): «معاشر الناس: إنّ النساء نواقص الإيمان،
نواقص الحظوظ، نواقص العقول».