و يكون» عارض نهيئة غير قارة، و الهيئة الغير القارة هى الحركة، فإذا
تحققت علمت أن الأول أنما سبق الخلق عندهم ليس سبقا مطلقا بل سبقا بزمان معه حركة
و أجسام أو جسم.
و هؤلاء المعطلة الذين عطلوا اللّه عن جوده لا يخلو: إما أن يسلموا أن
اللّه كان قادرا قبل أن يخلق الخلق، أن يخلق جسما ذا حركات بقدر أوقات و أزمنة
تنتهى [1] إلى وقت خلق العالم، أو يبقى مع خلق
العالم و يكون له إلى وقت خلق العالم أوقات و أزمنة محدودة، أو لم يكن الخالق أن
يبتدئ الخلق إلّا حين ابتدأ.
و هذا القسم الثانى يوجب انتقال الخالق من العجز إلى القدرة، أو
انتقال المخلوقات من الامتناع إلى الإمكان بلا علة.
و القسم الأول يقسم عليهم قسمين، فيقال: لا يخلو إما أن يكون كان
يمكن أن يخلق الخالق جسما غير ذلك الجسم إنما ينتهى إلى خلق العالم بمدة و حركات
أكثر، أو لا يمكن. و محال أن لا يمكن، لما بيّناه. فإن أمكن فإما أن يمكن خلقه مع
خلق ذلك الجسم الأول الذى ذكرنا قبل هذا الجسم، أو إنما يمكن قبله. فإن أمكن معه
فهو محال، لأنه لا يمكن أن يكون ابتداء خلقين متساويى الحركة فى السرعة و البطؤ، و
يقع بحيث ينتهيان إلى خلق العالم، و مدة أحدهما أطول من الآخر. و إن لم يمكن معه
بل كان إمكانه مباينا له متقدما عليه أو متأخرا عنه يقدر فى حال العدم إمكان خلق
شىء بصفة و لا إمكانه، و ذلك فى حال دون حال، وقع ذلك متقدما و متأخرا ثم ذلك إلى
غير نهاية فقد وضح صدق ما قدمناه من وجود حركة لا بدء لها