ماهية للشىء المشار إليه بالعقل أنه واجب الوجود، بل ماهية لشىء
آخر لا حق له، و قد كانت فرضت ماهية لذلك الشىء هذا خلف، فلا ماهية لواجب الوجود
غير أنه واجب الوجود، و هذه هى الإنية.
بل نقول: إن الإنية و الوجود لو صارا عارضين للماهية فلا يخلو إما أن
يلزمها لذاتها أو لشىء من خارج، و محال أن يكون لذات الماهية، فإن التابع لا يتبع
إلّا موجودا [1] فيلزم أن يكون للماهية وجود قبل
وجودها، و هذا محال. و نقول إن كل ماله ماهية غير الإنية فهو معلول، و ذلك لأنك
علمت أن الإنية و الوجود لا يقوم من الماهية التى هى خارجة عن الإنية مقام الأمر
المقوم، فيكون من اللوازم، فلا يخلو: إما أن يلزم الماهية لأنها تلك الماهية. و
إما أن يكون لزومها إياها بسبب شىء. و معنى قولنا اللزوم اتباع الوجود، و لن يتبع
موجود إلا موجودا، فإن كانت الإنية تتبع الماهية و تلزمها لنفسها فتكون الإنية قد
تبعت فى وجودها وجودا، و كل ما يتبع فى وجوده وجودا فإن متبوعه موجود بالذات قبله،
فتكون الماهية موجودة بذاتها قبل وجودها [2]، و هذا خلف. فبقى أن يكون الوجود لها عن علة، فكل ذى ماهية هو
معلول، و سائر الأشياء غير الواجب الوجود فلها ماهيات، و تلك الماهيات هى التى
بأنفسها ممكنة الوجود، و إنما يعرض لها وجود من خارج.
فالأول [3]
لا ماهية له، و ذوات الماهية يفيض عليها الوجود منه، فهو مجرد الوجود بشرط سلب
العدم و سائر الأوصاف عنه، ثم سائر الأشياء التى لها ماهيات فإنها ممكنة توجد به،
و ليس معنى قولى: إنه مجرد الوجود
[1] - فلا بدّ حينئذ من أن يكون المتبوع أي الماهية موجودا.