الفصل الثالث من المقالة الثامنة فى إبانة تناهى العلل الغائية و
الصورية و إثبات المبدأ الأول مطلقا، و فصل القول فى العلة الأولى مطلقا، و فى
العلة الأولى مقيدا، و بيان أن ما هو علة أولى مطلقة علة لسائر العلل
و أما تناهى العلل الغائية فيظهر لك من الموضع الذى حاولنا [1] فيه إثباتها و حللنا الشكوك فى أمرها،
فإن العلة الغائية إذا ثبت وجودها ثبت تناهيها، و ذلك لأن العلة التمامية هى التى
تكون سائر الأشياء لأجلها و لا تكون هى من أجل شئ آخر، فإن كان وراء العلة
التمامية علة تمامية كانت الأولى لأجل الثانية فلم تكن الأولى علة تمامية، و قد
فرضت علة تمامية فإذا كان كذلك فمن جوز أن تكون العلل التمامية تستمر واحدة بعد
أخرى، فقد رفع العلل التمامية فى أنفسها، و أبطل طبيعة الخير التى هى العلة
التمامية، إذ الخير هو الذى يطلب لذاته، و سائر الأشياء تطلب لأجله فإذا كان شئ
يطلب لشئ آخر كان نافعا لا خيرا حقيقيا، فقد اتضح أن فى إيجاب لا تناهى العلل