بالعدد و بالموضوع، موجود بين شيئين له اعتباران كما ظنه بعض الناس،
بل أكثرهم؟ أو لكل واحد من المضافين خاصيته فى إضافته؟ فنقول: إن كل واحد من
المضافين فإن له معنى فى نفسه بالقياس إلى الآخر، و ليس هو المعنى الذى للآخر فى
نفسه بالقياس إليه. و هذا بيّن فى الأمور المختلفة الإضافة كالأب فإن إضافته
للأبوة- و هى وصف وجوده- فى الأب وحده، و لكن إنما هو للأب بالقياس إلى شىء آخر
فى الأب، و ليس كونه بالقياس إلى آخر هو كونه فى الآخر، فإن الأبوة ليست فى الابن
و إلّا لكانت وصفا له يشتق له منه الاسم، بل الأبوة فى الأب. و كذلك أيضا حال
الابن بالقياس إلى الأب فليس هيهنا شىء واحد ألبته هو فى كليهما، فليس هيهنا إلّا
أبوة أو بنوة. و أما حالة موضوعة للأبوة و البنوة فلسنا نعرفها و لا لها اسم.
فإن كان ذلك كون كل واحد منهما بحال بالقياس إلى الآخر، فهذا ككون كل
واحد من الققنس [1] و الثلج أبيض، فإنه ليس يجب أن يكون
شيئا واحدا، و ليس كونه بالقياس إلى الآخر يجعله واحدا، لأن ما لكل واحد بالقياس
إلى الآخر فهو لذلك الواحد لا للآخر، لكنه بالقياس إلى الآخر.
فإذا فهمت هذا فيما مثلناه لك، فاعرف الحال فى سائر المضافات التى لا
اختلاف فيها. و إنما يقع أكثر الإشكال فى هذا الموضع، فإنه لما كان لأحد الأخوين
حالة بالقياس إلى الآخر، و كان للآخر أيضا حالة بالقياس إلى
[1] - ققنس بضم قاف و سكون قاف ثانى و ضم نون و سين مهملة، چرا كه
مخفف قوقنوس است كه لفظ يونانى باشد. و آن مرغيست كه موسيقى را از آواز او حكما
استخراج كردهاند. و عمرش هزار سال باشد، و از منقار خود كه سه صد و شصت سوراخ
دارد آواز مىكند و از هر سوراخ منقارش سرودى على حدة برمىآيد ... (غياث اللغة).