فنقول: إن هذه المفارقة تفهم فى هذا الموضع على وجهين: أحدهما أن
يفرض فى الوهم سطح و لا جسم، و خط و لا سطح، و الآخر أن يلتفت إلى السطح و لا
يلتفت إلى الجسم أصلا أنه معه أو ليس معه. و أنت تعرف أن الفرق بين الأمرين ظاهر،
فإنه فرق بين أن ينظر إلى الشىء وحده و إن كان معتقدا أنه مع غيره لا يفارقه، و
بين أن ينظر إليه وحده مع شرط مفارقته ما هو معه، محكوما عليه بأنه كما التفت إليه
وحده حتى يكون هو فى وهمك قائم وحده. فهو مع ذلك يفرق بينه و بين الشىء الآخر
محكوما بأن ذلك الشىء ليس معه. [1]
فمن ظن أن السطح و الخط و النقطة قد يمكن أن يتوهم سطحا و خطا و نقطة
مع فرض أن لا جسم مع السطح و لا مع الخط و لا مع النقطة فقد ظن باطلا، و ذلك لأنه
لا يمكن أن يفرض السطح فى الوهم مفردا ليس نهاية لشىء إلّا أن يتوهم مع وضع خاص و
يتوهم له جهتان توصلان الصائر إليه إيصالا يلقى جانبين غيرين، كما علمت. فيكون
حينئذ ما توهم سطحا غير سطح فإن السطح هو نفس الحد لا ذو الحدين.
و إن توهم السطح نفس النهاية التى تلى جهة واحدة فقط من حيث هو كذلك
أو نفس الجهة [2]، و الحد- على أن لا انفصال [3] له من جهة أخرى- كان ما هو نهايته
متوهما معه بوجه ما، و كذلك الحال فى الخط و النقطة.
و الذى يقال إن النقطة ترسم بحركتها الخط فإنه أمر يقال للتخيل، و لا
إمكان وجود له، لا لأن النقطة لا يمكن أن تفرض لها مماسة منتقلة، فإنا