بالعرض، بل وحدة ما يتحد بهما بالعرض، أعنى وحدة السفينة و المدينة
بهما هى وحدة بالعرض. و أما وحدة الحالتين فليست الوحدة التى جعلناها وحدة بالعرض.
فنقول من رأس: إنه إذا كانت الوحدة إما أن تقال على أشياء هى كثيرة
بالعدد، أو تقال على شىء واحد بالعدد، و قد بينا أنا حصرنا أقسام الواحد بالعدد.
فلنمل إلى الحيثية الأخرى، فنقول: و أما الأشياء الكثيرة بالعدد
فإنما يقال لها من جهة أخرى واحدة لاتّفاق بينها فى معنى. فإما أن يكون اتفاقها فى
نسبة أو فى محمول غير النسبة، و إما فى موضوع. و المحمول إما جنس، و إما نوع، و
إما فصل، و إما عرض، فيكون سهلا عليك من هذا الموضع أن تعرف أنّا قد حققنا أقسام
الواحد، و أنت تعرف مما قد عرفت أيها أولى [1] بالوحدة و أسبق استحقاقا لها، فتعرف ان الواحد بالجنس أولى بالوحدة
من الواحد بالمناسبة، و أن الواحد بالنوع أولى من الواحد بالجنس، و الواحد بالعدد
أولى من الواحد بالنوع، و البسيط الذى لا ينقسم بوجه أولى من المركب، و التام من
الذى ينقسم أولى من الناقص.
و الواحد قد يطابق الموجود فى أن الواحد يقال على كل واحد من
المقولات كالموجود، لكن مفهومهما [2]- على ما علمت- مختلف، و يتفقان فى أنه لا يدل واحد منهما على جوهر
بشىء من الأشياء، و قد علمت ذلك.
[1] - المنقول عن فيثاغورث أنّ: «شرف كلّ موجود بغلبة الوحدة، و
كلّ ما هو أبعد من الكثرة فهو أشرف و أكمل».