responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أصول إستنباط العقائد في نظرية الإعتبار المؤلف : السند، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 156

الوجه الثالث

إنّ المعاني العقليّة وما فوقها من الحقائق لا ريب أنّها إذا تنزّلت في الإنسان الكبير وهو عالم الكون وكذا إذا أريد تنزل المشيئات للباري عزّ وجلّ- كما هو متسالم بين كلّ مدارس المعارف مطلقاً إجمالًا- أن تنزّل المشيئة الإلهيّة أو تنزّل العلم الربّاني الذاتي يتمّ بالعلم، ثمّ المشيئة، ثمّ الإرادة، ثمّ القضاء، ثمّ القدر بمعنى الإبرام. فالإيجاد في عالم المادّة يتسلسل في ترتيب معيّن، فكذلك في الإنسان الصغير.

وبعبارة أخرى، الترتيب في الإنسان الكبير بلحاظ عالم المادّة، وهذا الترتيب ليس في أفعال الباري لعجز منه تعالى وإنّما منشؤه عدم قابليّة وإمكان الممكن الموجودي لأن ينوجد إلّابتوسّط الترتيب المذكور، فليست القدرة الإلهيّة محدودة وإنّما المحدوديّة في الموجود للممكن. فعالم الدنيا بلا تقدير لا يمكن حدوثه، ولا بدّ من تقدير قبله؛ لأنّ العالم المادّي الجسمي محدود فهو يحتاج إلى مادّة وغيرها من الشرائط، فنفس الموجود المتكوّن المادي طبيعته تستلزم له التقدير قبل تكوينه.

فخاصيّة الموجود المادّي أن فرض ذاته وإمكانه وفرض شيئيّته لا يمكن إلّابعد فرض سلسلة من أفعال الباري، فليس تدبير الملائكة في الإنسان الكبير أمراً إتّفاقيّاً واعتباطيّاً (وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) [1] أي لهم نفوس كلّية مدبّرة وكيفيّة


[1] . سورة النحل: الآية 50.

اسم الکتاب : أصول إستنباط العقائد في نظرية الإعتبار المؤلف : السند، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 156
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست