اسم الکتاب : مصباح الفقاهة - ت القيومي المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 358
عبداً
لم يصح ما لم يأذن مولاه ، فجعل العبد حدّ وسط بين الحرّ وبين الصبي
والمجنون فانّ الحرّ مستقل في تصرفاته ، والمجنون - وكذا الصبي على قول -
ساقط انشاؤه مطلقا حتّى مع إذن الولي ، وأمّا العبد فهو وسط بينهما ، فليس
كالحرّ بحيث يستقل في تصرفاته ، وليس كالمجنون بحيث لا ينفذ تصرّفه أصلاً
حتى مع إذن الولي ، بل ينفذ تصرّفه مع إذن المالك ولا ينفذ بدون إذنه ،
واستدل على ذلك بقوله تعالى { «عبْداً ممْلُوكاً لايقْدِرُ على شيْءٍ»[1] }
حيث وصف العبد بكونه غير قادر على شيء والمراد بالقدرة المنفيّة إنّما هو
استقلاله في التصرف لا أصل التصرف ، فانّ من لا يكون مستقلاً في تصرفه فهو
ليس بقادر عليه .
ثمّ إنه ليس المراد بالقدرة القدرة العقلية وبالشيء الأفعال الخارجية ،
بداهة أنّ الرقية والحرية لا دخل لشيء منهما في القدرة العقلية على
الاُمور الخارجية ، فمن يقدر على الخياطة فهو قادر عليها تكويناً عبداً كان
أو حراً ، فيحتمل أن يراد من القدرة القدرة الشرعية ، والتعبير عن المنع
الشرعي بعدم القدرة متعارف ، فيكون المعنى أنّ العبد ممنوع عن كل شيء ،
وهذا أيضاً لا يمكن الالتزام به ، بداهة عدم حرمة جميع الأفعال على العبد
بدون إذن سيده حتى الأفعال الضرورية كالتنفّس وتحريك اليد والرأس والعين
والتكلّم ونحو ذلك ، فلابدّ وأن يراد بالقدرة القدرة الوضعية - أعني النفوذ
- فيكون المراد من قوله { «لايقْدِرُ على شيْءٍ» } نفي نفوذ تصرفاته .
فيقع الكلام في أنّ المنفي نفوذ تصرفه في خصوص نفسه وماله ، أو أعم منه ومن
تصرفه في مال سيّده ، أو أعم من ذلك ومن تصرفه فيما لا يرجع إلى سيده