و
استصوبه الطبري في تفسير جامع البيان 6/73 طبعة دار المعارف بمصر،و أيده
بان اسم الشاهد لا يطلق إلاّ بعد التحمل و إلاّ فكل أحد يصدق عليه انّه
شاهد،اما لأنّه سيشهد أو يصلح لأن يشهد و هو خطأ،مع أن الألف و اللام تشير
إليه فانه نهى المتحملين للشهادة عن امتناع أدائها،و إلاّ لقال تعالى(و لا
يأب شاهد إذا ما دعي).
و هذا الرأي لم يصادق عليه الشيخ أبو جعفر الطوسي في التبيان 1/287 ط
ايران،فإنّه بعد ان رجح دلالتها على اثبات الشهادة و اقامتها،رد على الطبري
بأنّه سبحانه أطلق اسم الشاهد على من لم يكن متحملا لها فقال«و استشهدوا
شهيدين من رجالكم»،و ابن حزم في المحلى 9/429 وافق على عمومها للشهادة و
الأداء،و يذهب الحجة الشيخ محمد جواد البلاغي في آلاء الرحمن 1/249 إلى
ارادة التحمل منها متبعا في ذلك ما استصحه من روايات الكافي و التهذيب عن
الصادق و الكاظم عليهما السّلام و إن قولهما عليهما السّلام«لا
ينبغي»للتنزيه.
و لم يتباعد عن هذا الرأي القاضي ابن العربي المالكي في أحكام القرآن 1/108 بدعوى ان حالة الأداء مبينة بقوله تعالى { و منْ يكْتُمْها فإِنّهُ آثِمٌ قلْبُهُ } ،و
اختار أن يكون التحمل فرض كفائي لا عيني كما عليه الشافعي،و لا ندب كما هو
رأي غيره،قال:لأن إباء الناس كلهم اضاعة للحقوق و الزامهم جميعا تضييع
للاشغال،و لهذا المعنى كان الخليفة و نائبه يقيمون للناس شهودا معينين
شغلهم تحمل حقوق الناس و أحياءها بالأداء و كفايتهم من بيت المال و ليست هي
شهادة بالاجرة.انتهى.
و يظهر من الكاساني في بدائع الصنائع تجويزه فانه في 7/10 قال:نصب القضاة
في زماننا للعدل تيسيرا للأمر عليهم لتعذر طلب العدل في كل شاهد فاستحسنوا
نصب العدل،و لكن ابن حجر في شرح المنهاج 4/404 في آداب القاضي منع من اتخاذ
شهود معينين لا يقبل غيرهم لما فيه من التضييق و اضاعة الحقوق.و في
السرائر لابن ادريس الحلي من أجلاء الإمامية قال في كتاب القضاء:أوّل من
رتب الشهود لا يقبل غيرهم اسماعيل بن اسحاق القاضي المالكي، و ذكر السيوطي
في مسامرة الأوائل/108،و على رده في محاضرة الأوائل/98 انّه أوّل من رتب
الشهود ببغداد معللا بفساد الناس و لا سبيل إلى ضبط الشهادة إلاّ بهذا،و في
كتاب تاريخ القضاء في الإسلام/133 لمحمود بن عرنوس ذكر الشهود المعدلين و
أول من أحدث الوظيفة في مصر و بغداد و ذكر هذا القاضي،و في الديباج
المذهب/95 توفي ببغداد سنة 282 و له ترجمة مفصلة في المنتظم لابن الجوزي و
البداية لابن كثير و مرآة الجنان لليافعي حوادث سنة 282،و في تاريخ بغداد
6/284.