أن يقول، إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة و تمت، ألا و إنها قد كانت
كذلك و لكن اللّه وقى شرها- إلى أن قال-: من بايع رجلا من غير مشورة فلا يبايع هو
و لا الذي بايعه تغرة أن يقتلا[1]،قال: و إنه قد كان من خبرنا حين توفّى اللّه نبيه صلّى اللّه عليه
و آله و سلّم أن الأنصار خالفونا، و اجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة، و خالف
عنا علي و الزبير و من معهما»[2]،ثم استرسل في الإشارة إلى ما وقع
[1]قال ابن الأثير في تفسير هذا الحديث من نهايته: «تغرة» مصدر غررته إذا ألقيته في الغر، و هي من التغرير كالتعلة من
التعليل، و في الكلام مضاف محذوف تقديرة خوف تغرة أن يقتلا أي خوف وقوعهما في
القتل فحذف المضاف الذي هو الخوف و أقام المضاف إليه الذي هو تغرة مقامه، و انتصب
على أنه مفعول له، و يجوز أن يكون قوله «أنيقتلا» بدلا من «تغرة» و يكون المضاف محذوفا كالأول، و من
أضاف تغرة إلى أن يقتلا فمعناه: خوف تغرة قتلهما، قال: و معنى الحديث: أن البيعة
حقها أن تقع صادرة عن المشورة و الاتفاق، فإذا استبد رجلان دون الجماعة فبايع
أحدهما الآخر، فذلك تظاهر منهما بشق العصا و اطراح الجماعة، فإن عقد لأحد بيعة فلا
يكون المعقود له واحدا منهما، و ليكونا معزولين من الطائفة التي تتفق على تمييز
الإمام منها، لأنه إن عقد لواحد منهما و قد ارتكبا تلك الفعلة الشنيعة التي أحفظت
الجماعة من التهاون بهم و الاستغناء عن رأيهم، لم يؤمن أن يقتلا ... الخ. قلت: كان
من مقتضيات العدل الذي وصف به عمر، أن يحكم بهذا الحكم على نفسه و على صاحبه كما
حكم به على الغير، و كان قد سبق منه- قبل قيامه بهذه الخطبة- أن قال: إن بيعة أبي
بكر فلتة وقى اللّه شرها، فمن عاد الى مثلها فاقتلوه، و اشتهرت هذه الكلمة عنه أي
اشتهار، و نقلها عنه حفظة الأخبار كالعلامة ابن أبي الحديد في ص 123 من المجلد
الأول من شرح النهج. (منه قدّس سرّه)
[2]بيعة أبي بكر فلتةقول عمر بن الخطاب: «...
إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى اللّه شرها ...». يوجد في صحيح البخاري كتاب الحدود
باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت ج 8 ص 26 اوفست دار الفكر على ط إستانبول، و ج
8 ص 210 ط مطابع الشعب، و ج 7 ص 208 ط محمد علي صبيح، و ج 4 ص 179 ط دار إحياء
الكتب، و ج 4 ص 119 ط المعاهد، و ج 4 ص 125 ط الشرفية، و ج 8 ص 140 ط الفجالة، و ج
4 ص 110 ط الميمنية بمصر، و ج 8 ص 8 ط بمبئي بالهند، و ج 4 ص 128 ط الخيرية بمصر،
شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد: ج 1 ص 123 و 124 أوفست بيروت على ط 1 بمصر، و ج
2 ص 23 و 26 و 29 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل، و ج 1 ص 292 ط مكتبة الحياة، و ج 1
ص 144 ط دار الفكر في