أما ما رواه مسلم و غيره عن عائشة إذ قالت: «ماترك رسول اللّه دينارا و لا درهما، و لا شاة و لا بعيرا و لا أوصى
بشيء»، فإنّما هو كسابقه، على أنه لا يصح أن يكون مرادها أنه ما ترك شيئا على
التحقيق، و أنه إنّما كان صفرا من كل شيء يوصى به. نعم، لم يترك من حطام الدنيا
ما يتركه أهلها، إذ كان أزهد العالمين فيها، و قد لحق بربه عزّ و جلّ و هو مشغول
الذمة بدين[1][2]و عدات،
و عنده أمانات تستوجب الوصية، و ترك مما يملكه شيئا يقوم بوفاء دينه، و إنجاز
عداته و يفضل عنهما شيء يسير لوارثه، بدليل ما صحّ من مطالبة الزهراء عليها
السّلام بإرثها[3][4].
[1]فعن معمر عن قتادة: أن عليا قضى عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم أشياء بعد وفاته كان عامتها عدة حسبت أنه قال خمسمائة ألف درهم ... الحديث،
فراجعه في ص 60 من الجزء الرابع من كنز العمال و هو الحديث 1170 من أحاديثه. (منه
قدّس سرّه).
[2]الدين الذي كان على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. راجع كنز
العمال: ج 4 ص 60 ح 1170 ط القديمة.
[3]كما أخرجه البخاري في أواخر باب غزوة خيبر، من صحيحه ص 37 من جزئه
الثالث. و أخرجه مسلم في باب قول النبي: «لانورث ما تركناه فهو صدقة»، من كتاب الجهاد من صحيحه ص 72 من جزئه
الثاني. (منه قدّس سرّه)
[4]مطالبة الزهراء بإرثها: يوجد في صحيح البخاري كتاب المغازي باب
غزوة خيبر: ج 5 ص 82 أوفست دار الفكر على ط استانبول، و ج 3 ص 55 دار إحياء الكتب،
و ج 3 ص 38 ط المعاهد، و ج 3 ص 39 ط الشرفية، و ج 5 ص 177 ط محمد علي صبيح و مطابع
الشعب، و ج 5 ص 115 ط الفجالة، و ج 3 ص 35 ط الميمنية بمصر، و ج 5 ص 19 ط بمبئي، و
ج 3 ص 40 ط الخيرية بمصر، و أيضا في كتب الجهاد و السير باب فرض الخمس، صحيح مسلم
كتاب الجهاد باب قول النبي لا نورث، ج 5 ص 154 ط محمد علي صبيح و ط المكتبة
التجارية، و ج 2 ص 81 ط عيسى الحلبي، و ج 12 ص 76 ط مصر بشرح النووي، شرح نهج
البلاغة لابن أبي الحديد: ج 16 ص 217، و 218 و 219 و 228 و 232 ط مصر بتحقيق محمد
أبو الفضل، و ج 4 ص 81 و 82 و 87 ط 1 بمصر، كتاب أبو هريرة للسيد شرف الدين: ص
137، تاريخ