الحلّاج جبران» من أهالي مدينة صور، و اقتحموا دار السيد، و شهر
العميل مسدّسه في وجه السيد، فركله برجله فوقع على ظهره و سقط المسدّس من يده، و
تعالت الأصوات و صيحات النساء، ففرّ الفرنسيّون من الدار، و توافدت الجموع إليها
من كل جانب تشتاط غضبا فأمرهم السيد القائد بالهدوء.
قال رحمه اللّه في كلام له:
و كان من ذلك أن عزم الفرنسيّون، و عزمت ذيولهم، أن يتخلّصوا منّي عن
طريق الاغتيال، لتنهار هذه الجبهة إذا خلوت من الميدان، و في ضحى يوم الثلاثاء- 12
ربيع الثاني سنة (1337 ه)، الموافق 14 كانون الثاني سنة (1919 م)، و الدار خالية
من الرجال، أقبل فتى من رجال الأمن العام الذين أملى لهم الفرنسيّون أن يشتطّوا
على المسلمين و الأحرار من أهل الدين، و أقبل معه رجلان من الجند الفرنسي، و كانوا
جميعا مسلّحين، فاقتحموا الباب، ثم أحكموا أرتاجها، و دنا الفتى العربي ابن
الحلّاج شاهرا مسدّسه، و هو يطلب أن أعطيه التفويض الذي كنّا أخذناه من وجوه
البلاد وثائق تخوّل الملك فيصل أن يتكلّم باسمنا في عصبة الأمم.
و حين أصبح على خطوة منّي ركلته برجلي ركلة ألقته على ظهره فسقط
المسدّس من يده، و أتبعت الركلة بضربات عنيفة بالحذاء على رأسه و وجهه، و علت صيحة
نسائنا في الدار، فملئت الطريق خلف الباب، فإذا الرهبة تتولّى هزيمة الجنديّين و صاحبهما
مخفقين، و قد كادت الأيدي و الأرجل أن تقضي عليهم ...[1]