و كان معظّما عنده، نافذ الأمر لديه، كما كان أبوه عباد بن العباس
وزيرا معظّما عند أبيه ركن الدولة، نافذ الأمر لديه، و لما توفي الصاحب- و ذلك
ليلة الجمعة الرابع و العشرين من صفر سنة خمس و ثمانين و ثلاثمائة بالري عن تسع و
خمسين سنة- أغلقت له مدينة الري، و اجتمع الناس على باب قصره ينتظرون خروج جنازته،
و حضر فخر الدولة و معه الوزراء و القواد، و غيّروا لباسهم، فلما خرج نعشه صاح
الناس بأجمعهم صيحة واحدة، و قبلوا الأرض تعظيما للنعش، و مشى فخر الدولة في تشييع
الجنازة كسائر الناس، و قعد للعزاء أياما، ورثته الشعراء، و ابّنته العلماء، و
أثنى عليه كل من تأخر عنه، قال أبو بكر الخوارزمي: نشأ «الصاحببن عباد» من الوزارة في حجرها، و دبّ و درج من وكرها، و رضع أفاويق
درّها، و ورثها عن آبائه. كما قال أبو سعيد الرسمي في حقه:
ورث الوزارة كابرا عن كابر موصولة الأسناد بالإسناديروي عن العباس عباد وزا رته و إسماعيل عن عبادو قال الثعالبي في ترجمة الصاحب من يتيمته: ليست تحضرني عبارة أرضاها
للإفصاح عن علوّ محله في العلم و الأدب، و جلالة شأنه في الجود و الكرم، و تفرّده
بالغايات في المحاسن، و جمعه أشتات المفاخر، لأن همة قولي تنخفض عن بلوغ أدنى
فضائله و معاليه، و جهد وصفي يقصر عن أيسر فواضله و مساعيه. ثم استرسل في بيان
محاسنه و خصائصه[1]. و للصاحب
مؤلّفات جليلة، منها: كتاب المحيط في اللغة في سبعة مجلّدات رتّبه على
[1]يتيمة الدهر للثعالبي: ج 3 ص 169- 260 ط الصاوي بمصر، الصاحب بن
عباد للشيخ محمد حسن آل ياسين.