اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 91
في الجو. و وجه الشبه في كليهما محذوف، و لهذا فهو تشبيه مجمل.
و من التشبيه المجمل ما وجه شبهه ظاهر يفهمه كل أحد حتى العامة
كالمثال السابق، و كقولنا: زيد أسد، إذ لا يخفى على أحد أن المراد به التشبيه في
الشجاعة دون غيرها.
و من التشبيه المجمل ما وجهه خفيّ لا يدركه إلّا من له ذهن يرتفع عن
طبقة العامة، كقول فاطمة بنت الخرشب عند ما سئلت عن بنيها أيهم أفضل فقالت: «عمارة،لا بل فلان، لا بل فلان. ثم قالت:
ثكلتهم إن كنت أعلم أيّهم أفضل. هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها».
فمعنى ذلك أن أبناءها لتناسب أصولهم و فروعهم و تساويهم في الشرف يمتنع
تعيين بعضهم فاضلا و بعضهم أفضل منه، كما أن الحلقة المفرغة لتناسب أجزائها و
تساويها يمتنع تعيين بعضها طرفا و بعضها وسطا.
فتشبيه أبناء بنت الخرشب بالحلقة المفرغة تشبيه مجمل، و وجه شبهه
المحذوف هو تعذر بل استحالة تعيين أوليّة أو أفضلية أشياء متناسبة متساوية، أو هو
التناسب المانع من تمييز يصح معه التفاوت. فهذا الوجه المحذوف و الذي يشترك فيه
طرفا التشبيه أمر خفيّ لا يستطيع إدراكه إلا من له ذهن يرتفع عن طبقة العامة، كما
ذكرت آنفا.
و من التشبيه المجمل ما لم يذكر فيه وصف المشبه و لا وصف المشبه به،
أي الوصف المشعر بوجه الشبه، و من هذا النوع: تشبيه إيماض السيوف بالبوارق، و
تشبيه زيد بالأسد السابقين.
و منه ما يذكر فيه وصف المشبه به وحده، كتشبيه عجاج الخيل بالسحاب
المظلم، و تشبيه أبناء بنت الخرشب بالحلقة المفرغة لا يدري أين طرفاها.
اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 91