اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 217
بقوله: «ودبت له في موطن الحلم علة» لما له من تأثير بليغ في النفس،
إذ الصدر موضع الحلم و غيره من الصفات. فالكناية «بموطن الحلم» عن الصدر كناية عن
«موصوف» لأن الصدر يوصف بأنه موطن الحلم و غيره.
و إذا تأملنا تراكيب الكناية في
هذه الأمثلة و هي «بحيث يكون اللب و الرعب و الحقد» و «موطن الأسرار» و «موطن
الحلم» رأينا أن كل تركيب منها كني به عن ذات لازمة لمعناه، لذلك كان كل منها
«كناية عن موصوف»، و كذلك كل تركيب يماثلها.
كناية النسبة: و يراد بها إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه، أو
بعبارة أخرى يطلب بها تخصيص الصفة بالموصوف.
1- و من أمثلة ذلك قول زياد الأعجم في مدح ابن الحشرج:
إن السماحة و المروءة و الندى
في قبة ضربت على ابن الحشرج
فزياد بهذا البيت أراد، كما لا
يخفى، أن يثبت هذه المعاني و الأوصاف للممدوح و اختصاصه بها. و لو شاء أن يعبر
عنها بصريح اللفظ لقال: إن السماحة و المروءة و الندى لمجموعة في الممدوح أو
مقصورة عليه، أو ما شاكل ذلك مما هو صريح في إثبات الأوصاف للمذكورين بها.
و لكنه عدل عن التصريح إلى ما ترى
من الكناية و التلويح، فجعل كونها في القبة المضروبة عليه عبارة عن كونها فيه،
فخرج كلامه إلى ما خرج إليه من الجزالة و ظهر فيه ما أنت ترى من الفخامة. و لو أن
الشاعر خطر له أن يعبر عن معناه هنا بصريح اللفظ، لما كان له ذلك القدر من الجمال
الذي تطالعنا به هذه الصورة المبهجة من خلال البيت.
اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 217