اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 216
الصفات التي يكون هو موضعها، و هي اللب و الرعب و الحقد. و هذا كناية
عن «موصوف» هو القلب لأن القلب موضع هذه الصفات و غيرها.
2- و قال أبو نواس في وصف الخمر:
فلما شربناها و دب دبيبها
إلى موطن الأسرار قلت لها: قفي
مخافة أن يسطو عليّ شعاعها
فيطلع ندماني على سرّي الخفي
فالكناية في البيت الأول و هي
«موطن الأسرار». يريد أبو نواس أن يقول: «فلما شربنا الخمر و دب دبيبها، أي سرى
مفعولها إلى القلب أو الدماغ قلت لها: قفي». و لكنه انصرف عن التعبير بالقلب أو
الدماغ هذا التعبير الحقيقي الصريح إلى ما هو أملح و أوقع في النفس و هو «موطن
الأسرار»، لأن القلب أو الدماغ يفهم منه أنه مكان السر و غيره من الصفات. فالكناية
«بموطن الأسرار» عن القلب أو الدماغ كناية عن «موصوف»، لأن كليهما يوصف بأنه موطن
الأسرار.
3- و قال شاعر في رثاء من مات بعلة في صدره:
و دبّت له في موطن الحلم علّة
لها كالصّلال الرقش شرّ دبيب
فلفظ الكناية هنا هو «موطن الحلم»،
و من عادة العرب أن ينسبوا الحلم إلى الصدر، فيقولون: فلان فسيح الصدر، أو فلان لا
يتسع صدره لمثل هذا، أي لا يحلم على مثل هذا.
و لو شاء الشاعر أن يعبر عن معناه
هنا تعبيرا حقيقيا صريحا لقال:
«ودبت له في الصدر علة»، و لكنه لم يشأ ذلك و آثر التعبير عنه
كنائيا
[1] الصلال بكسر الصاد: ضرب من الحيات صغير أسود لا نجاة من لدغته،
و الرقش:
جمع رقشاء، و هي التي فيها نقط
سوداء في بيضاء، و الحية الرقشاء من أشد الحيات أذى.
اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 216