اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 168
الألفاظ بعضهما من بعض، فالمشاركة بين اللفظين في نقل المعنى من
أحدهما إلى الآخر كالمعرفة بين الشخصين في نقل الشيء المستعار من أحدهما إلى
الآخر»[1].
و لعلنا نلحظ من ذلك صلة بين المعنى اللغوي أو الحقيقي للاستعارة و
معناها المجازي، إذ لا يستعار أحد اللفظين للآخر في واقع الأمر إلا إذا كان هناك
صلة معنوية تجمع بينهما.
و إذا شئنا التعرف على تاريخ «الاستعارة» لدى البلاغيين فإننا نجد الجاحظ «255 ه» من أوائل من التفتوا إليها و عرّفوها و
سمّوها و أفاضوا بعض الشيء في الحديث عنها.
فالاستعارة عنده: «هيتسمية الشيء باسم غيره إذا قام مقامه»، ورد ذلك التعريف في تعليقه
على البيت الثالث من الأبيات التالية:
يا دار قد غيّرها بلاها
كأنما بقلم محاها ..
أخربها عمران من بناها
و كرّ ممسناها على مغناها
و طفقت سحابة تغشاها
تبكي على عراصها عيناها
فقد علق الجاحظ على البيت الثالث هنا بقوله: «وطفقت، يعني ظلت. تبكي على عراصها عيناها، عيناها ها هنا للسحاب، و
جعل المطر بكاء من السحاب على طريق الاستعارة، و تسمية الشيء باسم غيره إذا قام مقامه»[2].