اسم الکتاب : علم البديع المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 121
و خلطوا التكميل بالتتميم، و لكن المتأخرين من أصحاب البديع عادوا
بهذا الفن إلى تسمية قدامة له، و ذلك لما لحظوه من فرق بين الأمرين.
فالتتميم عندهم يرد على المعنى الناقص فيتمه، و التكميل يرد على
المعنى التام فيكمله، إذ الكمال أمر زائد على التمام. و التمام أيضا يكون متمما
لمعاني النقص لا لأغراض الشعر و مقاصده، و التكميل يكملها.
و لمزيد من الإيضاح نورد هنا مثالا للتكميل و هو لكثير عزة:
لو أن عزة حاكمت شمس الضحى
في الحسن عند موفق لقضى لها
فقوله: «عندموفق» تكميل حسن، فإنه لو قال: «عندمحكّم» لتمّ المعنى، لكن في قوله: «عندموفق» زيادة تكميل بها حسن البيت،
و السامع يجد لهذه اللفظة من الموقع الحلو في النفس ما ليس للأولى، إذ ليس كل
محكّم موفقا، فإن الموفق من الحكام من قضى بالحق لأهله.
و تجدر الإشارة بعد دراستنا لكل من التتميم و الإيغال إلى أن هناك
فارقا بينهما. فالتتميم كما ذكرنا يرد على المعنى الناقص فيتمه، على حين يرد
الإيغال على المعنى التام لختم الكلام شعرا أو نثرا مسجوعا بما يعطيه قافيته، و
يفيد في الوقت ذاته فائدة يتم المعنى بدونها كالمبالغة مثلا.
و لبيان أثر التتميم في تحسين المعنى و صحته و بلاغته نقارن هنا بين
بيتين لطرفة بن العبد و ذي الرمة في معنى واحد. فطرفة في دعائه لديار صاحبته
بالسقيا يقول:
فسقى ديارك غير مفسدها
صوب الربيع و ديمة تهمي
فقوله: «غيرمفسدها» فيه إتمام للمعنى بما يفيد
أنه يدعو لديار صاحبته بأن يسقيها الغيث أو المطر بالقدر المطلوب، لا بالقدر الذي
يزيد
اسم الکتاب : علم البديع المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 121