اسم الکتاب : علم البديع المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 101
كذلك ذكرنا أن السكاكي عرف المبالغة المقبولة بقوله: «هيأن يدّعى لوصف بلوغه في الشدة و
الضعف حدا مستحيلا أو مستبعدا».
و إذا تأملنا هذا التعريف وجدنا أنه ينطبق على نوعين فقط من أنواع
المبالغة عند السكاكي هما: الغلو و الإغراق. ذلك لأن الغلو هو المستحيل عقلا و
عادة، و الإغراق هو المستبعد وقوعه عادة لا عقلا.
و على ذلك فالإغراق في اصطلاح البديعيين: هو الوصف الممكن و قوعه
عقلا لا عادة، أو بعبارة أخرى: هو الإفراط في وصف الشيء بما يمكن عقلا و يستبعد وقوعه
عادة. و من أمثلة ذلك قول عمير التغلبي السابق:
و نكرم جارنا ما دام فينا
و نتبعه الكرامة حيث مالا
فإكرامهم للجار مدة إقامته بينهم من الأخلاق الجميلة الموصوفة، و
مدّه بالكرم عند رحيله و جعل هذا الكرم يتبعه و يشمله حيث كان و في كل جهة يميل
إليها هو الإغراق هنا. و هذا أمر ممتنع عادة و إن كان غير ممتنع عقلا.
و كل من الإغراق و الغلو لا يعدّ من محاسن القول و بديع المعنى إلا
إذا دخل عليه أو اقترن به ما يقربه إلى الصحة و القبول، نحو «قد» للاحتمال،
و «لو» و «لولا» للامتناع،
و «كاد» للمقاربة، و ما أشبه ذلك من أدوات
التقريب.
و لم يقع شيء من الإغراق و الغلو في القرآن الكريم و لا في الكلام
الفصيح إلا بما يخرجه من باب الاستبعاد و الاستحالة و يدخله في باب الإمكان، نحو:
كاد و لو و ما يجري مجراهما.
و من أمثلة ذلك في الإغراق قوله تعالى:يَكادُ سَنا بَرْقِهِ
يَذْهَبُ
اسم الکتاب : علم البديع المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 101