اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید الجزء : 1 صفحة : 359
قال سيبويه: (و نظير جعلهم" ما" وحدها اسما قول
العرب:" إني مما أن أصنع" أي: من الأمر أن أصنع، فجعل" ما"
وحدها اسما. و مثل ذلك" غسلت غسلا نعمّا" أي نعم الغسل).
و قد بينا هذا.
قال سيبويه: (و تقول:" ما
كان أحسن زيدا"، فتذكر كان لتدل على أنه كان فيما مضى).
إذا قلت:" ما كان أحسن
زيدا" ففي" كان" وجهان:
أحدهما: أن تكون زائدة، كأنك
قلت:" ما أحسن زيدا"، ثم أدخلت" كان" لتدل على الماضي، و
في" كان" ضمير الكون على ما قدمنا في معنى" كان" إذا كانت
زائدة، و الوجه الثاني أن تجعل" ما" مبتدأة، و تجعل في" كان"
ضميرا من" ما" و هو اسم" كان"، و تجعل" أحسن"
خبر" كان"، كقولك:" زيد كان ضرب عمرا".
قال أبو الحسن: و إن شئت
جعلت" أحسن" صلة" لما"، و أضمرت الخبر، فهذا أكثر و أقيس، و
قد ذكرنا هذا.
و قالوا:" ما أصبح
أبردها" و" ما أمسى أدفأها" و ليس هذا من كلام سيبويه، و هو غير
جائز، و ذلك أن الذين قالوا من النحويين:" ما أصبح أبرد الغداة"
جعلوا" أصبح" بمنزلة" كان"، و" أصبح" لا تشبه"
كان" في هذا الموضع من وجهين:
أحدهما: أن" أصبح" لا
تكون زائدة مثل" كان".
الوجه الثاني: أنك إذا قلت" كان"
فقد دللت على ماض و لم توجب له في الحال شيئا، و إذا قلت:" أصبح"، فقد
أوجبت دخوله فيه، و بقاءه عليه. ألا ترى أنك تقول:
" كان زيد غنيا"، فلا توجب له الغنى في حال إخبارك. و
تقول:" أصبح زيد غنيا"، فتوجب له الدخول في الغنى و الخروج عن الفقر
فاعرفه- إن شاء اللّه تعالى-.
هذا باب الفاعلين و المفعولين
اللذين كل واحد منهما يفعل بفاعله مثل الذي يفعل به و ما كان نحو ذلك
قال أبو سعيد: اعلم أن من العرب
إذا عطفت فعلا على فعل- و كان كل واحد من الفعلين متعلقا باسمين أو باسم واحد-
فإنهم يستجيزون في ذلك ما لا يستجيزونه في
اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید الجزء : 1 صفحة : 359