responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید    الجزء : 1  صفحة : 318

أحد"، نافيا للرجال و النساء و الصبيان، كما تقول:" ما بالدار عريب و لا كرّاب"،" و ما بالدار طوري". و لا يجوز أن تقول:" بالدار أحد". كما لا تقول" بالدار عريب". و تقول:

" هل بالدار أحد"، فيكون بمنزلة" و ما بالدار أحد"؛ لأنه غير واجب.

و قد كان أبو العباس المبرد يجيز وقوع" أحد" في كل موضع يصلح أن يكون فيه الواحد بمعنى الجماعة نفيا كان أو استفهاما، أو إيجابا. كقولهم:" قد جاءني كل أحد"، كما تقول:" قد جاءني كل رجل"؛ لأن" كلا" إذا وقع بعدها واحد منكور، صار في معنى جماعة. و أما قول الأخطل:

حتّى ظهرت فما تخفى على أحد

إلا على أحد لا يعرف القمرا

ففي قوله:" إلا على أحد". وجهان.

أحدهما: أنه بمعنى:" واحد" كأنه قال: إلا على إنسان لا يعرف القمر.

و الوجه الثاني: أنه على الحكاية لما قبله، و لو كان مبتدأ لم يجز؛ لأن قوله" إلا على" في موضع إيجاب إذا كان استثناء من نفي.

فإن قال قائل: و كيف جاز أن يقع في النفي ما لا يصح وقوعه في الإيجاب؟ قيل له: النفي قد يصح لأشياء متضادة في حال واحدة، و لا يصح إيجابها. ألا ترى أنك تقول:

" زيد ليس بقائم و لا قاعد"، إذا كان مضطجعا، أو ساجدا، أو راكعا، فتنفي قيامه و قعوده معا. و لا يصح أن تقول:" هو قائم قاعد". و كذلك تقول:" زيد ليس بأبيض و لا أحمر"، إذا كان أسود، و لا يجوز أن تقول:" هو أبيض أحمر"،" و زيد ليس في الدار و لا في المسجد"، إذا كان في السوق أو غيرها. و لا يجوز أن تقول:" هو في الدار و المسجد"، و هذا أكثر من أن يؤتى عليه.

فإذا قلنا:" ما جاءني أحد"، و" ما بالدار أحد"، فقد نفينا أن يكون فيها كل من يعقل، و نفينا أن يكون بها واحد منهم فقط، و أن يكون بها جماعة دون غيرهم، أو صغير أو كبير. و لا يصح إيجاب هذا على طريق نفيه؛ لأنا إذا قلنا:" جاءني أحد"، و سلكنا به مسلك نفي، قد أوجبنا أن يكون قد جاءك كل من يعقل، و أن يكون قد جاءك واحد منهم فقط، و أن يكون قد جاءك جماعة دون جماعة.


[1] البيت في ديوان ذي الرمة ق 25/ 41 (حتى تبرت) و الدرر اللوامع 2/ 205.

اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید    الجزء : 1  صفحة : 318
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست