فهذا البيت شاهد لقولنا:" اخترت الرّجال زيدا"؛ و لذلك
أنّك لو رددت هذا إلى ما لم يسمّ فاعله قلت:" اختير زيد الرّجال"، فإن
قدّمت قلت:" زيد اختير الرّجال" و قوله:
" منّا
الذي اختير" في" اختير" ضمير قد أقيم مقام الفاعل يعود على الذي، و
الرجال المفعول الثاني.
مستشهدا لما قدّم من حذف" عن" في قوله:" نبّئت
زيدا" في معنى" نبّئت عن زيد".
و قد أنكر قوم هذا فقالوا:" نبّئت زيدا فعل كذا"
بمعنى" أعلمت زيدا فعل كذا"، و نحن إذا قلنا:" أعلمته زيدا
قائما" فليست" عن" مقدرة، و كذلك هي غير مقدّرة، في قولك:"
نبّئت زيدا".
فالجواب في هذا أن" نبّئت" و إن كانت تجري مجرى"
أعلمت" في العمل، و يتقارب معناهما، فليست هي" أعلمت"؛ و ذلك
أن" نبّئت" مأخوذ من" النّبأ" و" النّبأ" هو الخبر
لا العلم، بإجماع أهل اللغة، و الخبر يتعدّى بعن، ألا ترى أنك تقول:" هذا خبر
عن زيد"، إذا أخبرك به مخبر عنه بخبر ما، فكذا" هذا خبر عن دارك و عن
أمرك"، و ما أشبه ذلك، فأصل النبأ يصل بعن، و إن حذفت في بعض المواضع.
و" عبد اللّه" في البيت: قبيلة، فلذلك أنّث مواليها و صميمها، فاعرف ذلك
إن شاء اللّه تعالى.
هذا باب الفاعل الذي يتعدّاه فعله إلى مفعولين و ليس لك أن تقتصر
على أحد المفعولين
" و ذلك قولك: حسب عبد اللّه زيدا بكرا، و ظنّ
عمرو خالدا أباك، و خال عبد اللّه زيدا أخاك، و مثل ذلك: رأى عبد اللّه زيدا
صاحبنا، و وجد عبد اللّه زيدا ذا الحفاط".
[1]البيت في ديوانه 516، و سيبويه 1/ 18، و
الخزانة 3/ 669، و بلا نسبة في ابن يعش 8/ 51.
[2]البيت منسوب للفرزدق في سيبويه 1/ 18، و لم
نقف عليه في ديوانه.
اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید الجزء : 1 صفحة : 280