اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید الجزء : 1 صفحة : 275
ذلك:" اخترت الرّجال زيدا"، و مثل ذلك قوله تعالى:وَ اخْتارَ مُوسى
قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا[1]و" سمّيته زيدا" و"
كّتّبت زيدا أبا عبد اللّه" و" دعوته زيدا"، إذا أردت"
دعوته" التي تجري مجرى" سمّيته"، و إن عنيت الدّعاء إلى أمر لم
يجاوز مفعولا واحدا".
قال أبو سعيد: اعلم أنّ هذا الباب يشتمل على وجهين من التعدّي؛
أحدهما: أن يتعدّى الفعل إلى مفعولين، و أحد المفعولين فاعل بالآخر فعلا يصل إليه
من غير توصّل حرف جرّ، و ذلك قولك:" أعطى عبد اللّه زيدا درهما"، و ذلك
أن زيدا قد أخذ الدّرهم و هو فاعل به الأخذ، و قد وصل الأخذ منه إلى الدرهم من غير
توسّط حرف جر، و كذلك" كسوت بشرا الثّياب الجياد". و كان الأصل."
أخذ زيد درهما" و" لبس بشر الثّياب الجياد" و قد علم أنّ الأخذ لا
بدّ له من مأخوذ منه، و اللابس لا بدّ له من كاس، فأردت أن تبيّن من الذي أوصل
إليه الأخذ، و الذي كساه، فلمّا ذكرتهما لم يكن بدّ من رفعهما؛ لأنهما أدخلا
الفاعل في فعله، و هو زيد و بشر، فرفعتهما بفعلهما الذي فعلاه بالفاعل من إيصاله
إلى فعله بالمفعول، و هو الدّرهم و الثّياب، فاكتفى الفعل بالفاعل و ارتفع به، و
نصب ما سواه؛ لأن الفعل لا يرفع أكثر من واحد.
و الوجه الثاني من وجهي ما يشتمل عليه الباب: أن يتعدّى الفعل إلى
مفعول بغير حرف جر، و يتّصل بآخر" من"، و لم يكن المفعول في الأصل فاعلا
بالذي فيه حرف الجر، فنزع حرف الجرّ من الثاني، فيصل الفعل إليه، و ذلك
قولك:" اخترت الرّجال عبد اللّه". و الأصل:" اخترت عبد اللّه من
الرّجال"، و حذفت" من"، فوصل الفعل إلى الرجال، و لم يكن" عبد
اللّه" فاعلا بالرجال شيئا، كما فعل زيد بالدرهم الأخذ. و مثل ذلك:
" سمّيته
زيدا" و" كتّبت زيدا أبا عبد اللّه" و الأصل:" سمّيته
بزيد" و" كتّبت زيدا بأبي عبد اللّه"، و لم يكن زيد فاعلا بأبي عبد
اللّه شيئا.
فإن قال قائل: أنت تقول:" تكنّى زيد أبا عبد اللّه"، تجعله
فاعلا، و تنصب" أبا عبد اللّه" فتجعله مفعولا له، فهلا جعلته من القسم
الأول.
قيل له: ليس في قولنا:" تكنّى زيد أبا عبد اللّه" و"
تسمّى أخوك زيدا" دلالة على أن أحدهما فاعل بالآخر، إنما هو من باب قبول
الفعل الذي أوقع به، و هو قولك:" حرّكته