(و أمّا
الصّاد كالسّين) كقولهم في «صبغ»: «سبغ»، (و الطّاء كالتّاء)
كقولهم في «السّلطان»: «السلتان» (و الفاء كالباء)
و بالعكس (و الضاد الضعيفة) التي يكون مخرجها بين الضاد و
الظّاء (و الكاف كالجيم فمستهجنة) لم يوجد في كلام الفصحاء.
(و أمّا الجيم كالكاف و الجيم كالشّين فلا يتحقّق)
لأنّهما بعينهما الكاف كالجيم، و الشين كالجيم لا فرق إلّا من حيث الفرعيّة و
الأصالة.
فأصول حروف التهجّي تسعة و عشرون
و لم يكمل عددها إلّا في لغة العرب و لا همزة في كلام العجم إلّا في الابتداء، و
لا ضادا إلّا في العربيّة و لذلك قال
[1] قال ابن جنّي: اعلم أنّ أصول حروف المعجم عند الكافّة تسعة و
عشرون حرفا فأوّلها الألف و آخرها الياء- على المشهور من ترتيب حروف المعجم- إلّا
أبا العبّاس، فإنّه كان يعدّها ثمانية و عشرين حرفا و يجعل أوّلها الباء و يدع
الألف من أوّلها و يقول: هي همزة و لا تثبت على صورة واحدة و ليست لها صورة
مستقرّة، فلا اعتدّها مع الحروف التي أشكالها محفوظة معروفة.
و قال: فإن قيل: إنّ جميع هذه
الحروف ليس معجما، إنّما المعجم بعضها ألا ترى إلى الألف، و الحاء و الدّال و
نحوها ليس معجما؟ فكيف استجازوا تسمية جميع هذه الحروف حروف المعجم؟
قيل: إنّما سمّيت بذلك لأنّ
الشكل الواحد إذا اختلفت أصواته، فأعجمت بعضها و تركت بعضها، فقد علم أنّ هذا المتروك
بغير إعجام، هو غير ذلك الذي من عادته أن يعجم، فقد ارتفع إذن بما فعلوه الإشكال و
الاستبهام عنها جميعا، و لا فرق بين أن يزول الاستبهام عن الحرف بإعجام عليه أو
بما يقوم مقام الإعجام في الإيضاح و البيان. ألا ترى أنّك إذا أعجمت «الجيم»
بواحدة من أسفل و «الخاء» بواحدة من فوق و تركت «الحاء» غفلا فقد علم بإغفالها
أنّها ليست واحدة من الحرفين الآخرين- أعني الجيم و الخاء- و كذلك الدّال و الذّال
و الصّاد و الضّاد، و سائر الحروف نحوها فلمّا استمرّ البيان في جميعها جازت
تسميته بحروف المعجم. [سرّ الصناعة 1: 52- 53، 55]