فأمّا على مذهب الفرّاء فإنّ «يقوم» عنده
صلة و الصلة لا تتقدّم على الموصول- أي الصفة لا تتقدّم على الموصوف إلّا و قد خرج
عن الوصفيّة-.
و أمّا على مذهب سيبويه صاحبك، فإنّه لا يجوز، لأنّه ترجمة و
الترجمة إيضاح و تبيين للجملة التي تتقدّمها و لا يجوز تقديمها عليها. فقال: أنا
تارك للعربيّة فخذ فيما قصدت له ففاتحته أيّام الناس و الأخبار و الأشعار ففتحت به
سيح بحر. و من شعر أبي العبّاس «ثعلب» ما
رواه عنه أبو عمرو الزاهد:
إذا ما شئت أن تبلو صديقا
فجرّب ودّه عند الدّراهم
فعند طلابها تبدو هنات
و تعرف ثمّ أخلاق المكارم
و حدّث ابن مجاهد قال: كنت عند أبي العبّاس ثعلب فقال لي: يابن
مجاهد، اشتغل أصحاب القرآن بالقرآن ففازوا، و اشتغل أهل الفقه بالفقه ففازوا، و
اشتغل أصحاب الحديث بالحديث ففازوا، و اشتغلت أنا بزيد و عمرو، فليت شعري ما يكون
حالي في الآخرة؟ فانصرفت من عنده فرأيت تلك الليلة النبيّ- صلّى اللّه عليه و آله-
في المنام فقال لي: أقرئ أبا العبّاس عنّي السّلام و قل له: «إنّكصاحب العلم المستطيل»، أراد- عليه السّلام- أنّ الكلام به يكمل و
الخطاب به يجمل أو أنّ جميع العلوم مفتقر إليه.
و ممّا رثوه به هذا الشعر:
مات ابن يحيى فماتت دولة الأدب
و مات أحمد أنحى العجم و العرب
فإن تولّى أبو العبّاس مفتقدا
فلم يمت ذكره في الناس و الكتب
و كتبه كثيرة: منها: «الفصيح» في النّحو. و منها: «اختلافالنحويّين». و منها: «معانيالقرآن». و منها: «معانيالشعر». و منها: «كتابالقراءات». و منها: «ماينصرف و ما لا ينصرف». و منها: «الوقفو الابتداء». و منها: «غريبالقرآن». إلى غير ذلك.