اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 69
لعمرك إنّا و الزّمان كما جنت
على الأضعف الموهون عادية الأقوى
و منه «التقسيم»، و خصوصا إذا
قسّمت ثم جمعت، كقول حسان: [من البسيط]
قوم إذا حاربوا ضرّوا عدوّهم
أو حاولوا النّفع في أشياعهم نفعوا
سجيّة تلك منهم غير محدثة،
إنّ الخلائق، فاعلم، شرّها البدع
و من ذلك، و هو شيء في غاية
الحسن، قول القائل: [من البسيط]
لو أنّ ما أنتم فيه يدوم لكم
ظننت ما أنا فيه دائما أبدا
لكن رأيت اللّيالي غير تاركة
ما سرّ من حادث أو ساء مطّردا
فقد سكنت إلى أنّي و أنّكم
سنستجدّ خلاف الحالتين غدا
قوله: «سنستجد خلاف الحالتين غدا»،
جمع فيما قسّم لطيف، و قد ازداد لطفا بحسن ما بناه عليه، و لطف ما توصّل به إليه
من قوله: «فقد سكنت إلى أنّي و أنّكم».
و إذ قد عرفت هذا النّمط من
الكلام، و هو ما تتّحد أجزاؤه حتى يوضع وضعا واحدا، فاعلم أنه النّمط العالي و
الباب الأعظم، و الذي لا ترى سلطان المزيّة يعظم في شيء كعظمه فيه.
و مما ندر- منه و لطف مأخذه، و دقّ
نظر واضعه، و جلّى لك معن شأو قد تحسر دونه العتاق، و غاية يعيا من قبلها
المذاكي القرّح- الأبيات المشهورة في تشبيه شيئين بشيئين، كبيت امرئ القيس: [من
الكامل]
كأنّ قلوب الطّير رطبا و يابسا
لدى و كرها العنّاب و الحشف البالي
[1] الموهون: الذي أصابه و جمع و إن كانت أنثى يقال لها واهنة،
يقال: أوهنه اللّه فهو موهون كما يقال أحمّه اللّه فهو محموم.
[2] البيتان لحسان بن ثابت في ديوانه (ص 238)، و الطراز (3/ 144)،
و المصباح (ص 249)، و الإيضاح (ص 316).
[3] الأبيات لإبراهيم بن العباس الصولي و نسبها البعض إلى ابن
الرومي.
و في الأغاني (3/ 192)، و شرح
التصريح (1/ 382)، و شرح شواهد المغني (1/ 342، 2/ 595، 819)، و الصاحبي في فقه
اللغة (ص 244)، و لسان العرب (أدب)، و المقاصد النحوية (3/ 216)، و المنصف (2/
117)، و تاج العروس (بال)، و بلا نسبة في الأشباه و النظائر
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 69