responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 62

و قوله: [من الطويل‌]

و فاؤكما كالرّبع أشجاه طاسمه‌

بأن تسعدا، و الدّمع أشفاه ساجمه‌

و قول أبو تمام: [من الكامل‌]

ثانيه كبد السّماء، و لم يكن‌

كاثنين ثان إذ هما في الغار

و قوله: [من البسيط]

يدي لمن شاء رهن لم يذق جرعا

من راحتيك درى ما الصّاب و العسل‌

و في نظائر ذلك‌ مما وصفوه بفساد النظم، و عابوه من جهة سوء التأليف، أن الفساد و الخلل كانا من أن تعاطى الشاعر ما تعاطاه من هذا الشأن على غير الصواب، و صنع في تقديم أو تأخير، أو حذف و إضمار، أو غير ذلك مما ليس له أن يصنعه، و ما لا يسوغ و لا يصحّ على أصول هذا العلم. و إذا ثبت أن سبب فساد النظم و اختلاله، أن لا يعمل بقوانين هذا الشأن، ثبت أنّ سبب صحّته أن يعمل عليها، ثم إذا ثبت أنّ مستنبط صحّته و فساده من هذا العلم، ثبت أن الحكم كذلك في مزيّته و الفضيلة التي تعرض فيه، و إذا ثبت جميع ذلك، ثبت أن ليس هو شيئا غير توخّي معاني هذا العلم و أحكامه فيما بين الكلم، و اللّه الموفق للصواب.

و إذ قد عرفت ذلك، فاعمد إلى ما تواصفوه بالحسن، و تشاهدوا له بالفضل، ثمّ جعلوه كذلك من أجل «النظم» خصوصا، دون غيره مما يستحسن له الشعر أو غير الشعر، من معنى لطيف أو حكمة أو أدب أو استعارة أو تجنيس أو غير ذلك مما لا يدخل في النظم، و تأمّله، فإذا رأيتك قد ارتحت و اهتززت و استحسنت، فانظر إلى حركات الأريحيّة ممّ كانت؟ و عند ما ذا ظهرت؟ فإنك ترى عيانا أن الذي قلت لك كما قلت. اعمد إلى قول البحتري: [من المتقارب‌]


[1] البيت في ديوانه فانظره، و التبيان (2/ 254). و شجاه شجوا: أحزنه و أشجاه تفضيل من شجى، و الطاسم: الدارس، و الساجم: السائل سجم الدمع سجوما و سجاما: سال و انسجم، و سجمت العين دمعها و عين سجوم و أسجمت السماء: صبت. و المعنى: الشاعر يخاطب صاحبيه الذين عاهداه على مساعدته بالبكاء عند ربع الأحبة، و يبرر شدة حزنه بقلة مساعدتهما له بالبكاء، و يعذر دمعه لأن صاحبيه خاليان و لا يعرفان ما فيه من حزن.

[2] البيت في ديوانه (ص 145)، و نهاية الإعجاز (ص 279)، و الموازنة (ص 29)، و الإيضاح (ص 160).

[3] البيت في ديوانه (ص 215)، و الصاب: عصير نبات مرّ، و قيل: شجر إذا اعتصر خرج منه كهيئة اللّبن.

[4] الجملة مرتبطة ببداية الكلام، و هو قوله: «فليس من أحد يخالف».

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 62
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست