responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 52

و تجي‌ء إلى اسم المشبّه به فتعيره المشبّه و تجريه عليه. تريد أن تقول: رأيت رجلا هو كالأسد في شجاعته و قوة بطشه سواء»، فتدع ذلك و تقول: «رأيت أسدا».

و ضرب آخر من «الاستعارة»، و هو ما كان نحو قوله: [من الكامل‌] إذ أصبحت بيد الشّمال زمامها هذا الضرب، و إن كان الناس يضمّونه إلى الأوّل حيث يذكرون الاستعارة، فليسا سواء. و ذاك أنّك في الأوّل تجعل الشي‌ء الشي‌ء ليس به، و في الثاني للشي‌ء الشي‌ء ليس له.

تفسير هذا: أنك إذا قلت: «رأيت أسدا»، فقد ادّعيت في إنسان أنه أسد، و جعلته إياه، و لا يكون الإنسان أسدا. و إذا قلت: «إذ أصبحت بيد الشّمال زمامها»، فقد ادعيت أنّ للشّمال يدا، و معلوم أنه لا يكون للريح.

و هاهنا أصل ضبطه و هو أنّ جعل المشبّه المشبّه به على ضربين:

أحدهما: أن تنزله منزلة الشي‌ء تذكره بأمر قد ثبت له، فأنت لا تحتاج إلى أن تعمل في إثباته و تزجيته، و ذلك حيث تسقط ذكر المشبه من البين، و لا تذكره بوجه من الوجوه، كقولك «رأيت أسدا».

و الثاني: أن تجعل ذلك كالأمر الذي يحتاج إلى أن تعمل في إثباته و تزجيته، و ذلك حيث تجري اسم المشبّه به خبرا على المشبّه، فتقول: «زيد أسد، و زيد هو الأسد»، أو تجي‌ء به على وجه يرجع إلى هذا كقولك: «إن لقيته لقيت به أسدا، و إن لقيته ليلقينّك منه الأسد»، فأنت في هذا كله تعمل في إثبات كونه «أسدا» أو «الأسد»، و تضع كلامك له. و أمّا في الأوّل فتخرجه مخرج ما لا يحتاج فيه إلى إثبات و تقرير. و القياس يقتضي أن يقال في هذا الضرب أعني: ما أنت تعمل في إثباته و تزجيته: أنه تشبيه على حدّ المبالغة، و يقتصر على هذا القدر، و لا يسمى «استعارة».

و أمّا «التمثيل» الذي يكون مجازا لمجيئك به على حدّ الاستعارة، فمثاله قولك للرجل يتردّد في الشي‌ء بين فعله و تركه: «أراك تقدّم رجلا و تؤخّر أخرى».

فالأصل في هذا: أراك في تردّدك كمن يقدّم رجلا و يؤخّر أخرى، ثم اختصر الكلام،


[1] البيت للبيد بن ربيعة في ديوانه من معلقته، و صدره: «و غداة ريح قد وزعت و قرة» و انظر (شرح القصائد العشر للتبريزي).

[2] قول قاله يزيد بن الوليد إلى مروان بن محمد عند ما تلكأ في البيعة له في رسالة أرسلها إليه و الخبر مفصل في البيان و التبيين (1/ 301).

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 52
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست