responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 255

الجبل، و بات العدوّ بحضيضه». فقال الحجاج: ما يزيد بأبي عذر هذا الكلام فقيل له: إن يحيى بن يعمر معه! فأمر بأن يحمل إليه، فلما أتاه قال: أين ولدت؟ فقال:

بالأهواز. فقال: فأنّى لك هذه الفصاحة؟ قال: أخذتها عن أبي».

قال: «و رأيتهم يديرون في كتبهم: أن امرأة خاصمت زوجها إلى يحيى بن يعمر، فانتهرها مرارا، فقال له يحيى: أن سألتك ثمن شكرها و شبرك، أنشأت تطلّها و تضهلها».

ثم قال: «و إن كانوا إنّما قد رووا هذا الكلام لكي يدلّ على فصاحة و بلاغة، فقد باعده اللّه من صفة البلاغة و الفصاحة.

و اعلم أنك كلّما نظرت وجدت سبب الفساد واحدا، و هو ظنّهم الذي ظنّوه في «اللّفظ»، و جعلهم الأوصاف التي تجري عليه كلّها أوصافا له في نفسه، و من حيث هو لفظ، و تركهم أن يميزوا بين ما كان وصفا له في نفسه، و بين ما كانوا قد كسبوه إيّاه من أجل أمر عرض في معناه. و لما كان هذا دأبهم، ثم رأوا الناس و أظهر شي‌ء عندهم في معنى «الفصاحة»، تقويم الإعراب، و التحفّظ من اللحن، لم يشكّوا أنّه ينبغي أن يعتدّ به في جملة المزايا التي يفاضل بها بين كلام و كلام في الفصاحة، و ذهب عنهم أن ليس هو من «الفصاحة» التي يعنينا أمرها في شي‌ء، و أنّ كلامنا في فصاحة تجب للّفظ لا من أجل شي‌ء يدخل في النطق، و لكن من أجل لطائف تدرك بالفهم، و أنّا نعتبر في شأننا هذا فضيلة تجب لأحد الكلامين على الآخر، من بعد أن يكونا قد برئا من اللّحن، و سلما في ألفاظهما من الخطأ.

و من العجب أنّا إذا نظرنا في الإعراب، وجدنا التفاضل فيه محالا، لأنه لا يتصوّر أن يكون للرفع و النصب في كلام، مزيّة عليهما في كلام آخر، و إنما الذي يتصوّر أن يكون هاهنا: كلامان قد وقع في إعرابهما خلل، ثم كان أحدهما أكثر صوابا من الآخر، و كلامان قد استمرّ أحدهما على الصّواب و لم يستمرّ الآخر، و لا يكون هذا تفاضلا في الإعراب، و لكن تركا له في شي‌ء، و استعمالا له في آخر، فاعرف ذلك.


[1] البيان و التبيين (377/ 1، 378)، و شرح الجاحظ. عرار الأودية: أسافلها. عرار الجبال: أعاليها.

أهضام الغيطان: مداخلها، و الغيطان: جمع «غائط» و هو الحائط ذو الشجر.

[2] للجاحظ في البيان و التبيين 1/ 378. و فسر الجاحظ المفردات قالوا: «الضهل»: القليل، و «الشّكر»: الفرج، و الشّبر: النكاح، و «تطلّها»: تذهب بحقها، يقال: دم مطلول، و يقال: «بئر ضهول» أي: قليلة الماء.

[3] في البيان 1/ 378. و الفصاحة زيادة من البيان.

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 255
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست