responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 15

الفطرة، و أنه لا عيب أعيب عند الجميع من عدمه، و لا ضعة أوضع من الخلوّ عنه، فلم يعاد إذن إلّا من فرط المحبة، و لم يسمح به إلا لشدة الضّنّ.

ثم إنّك لا ترى علما هو أرسخ أصلا، و أبسق‌ فرعا، و أحلى جنى، و أعذب وردا، و أكرم نتاجا، و أنور سراجا، من علم البيان، الذي لولاه لم تر لسانا يحوك الوشي، و يصوغ الحلي، و يلفظ الدّرّ، و ينفث السّحر، و يقري الشّهد، و يريك بدائع من الزّهر، و يجنيك الحلو اليانع من الثّمر، و الذي لو لا تحفّيه بالعلوم، و عنايته بها، و تصويره إيّاها، لبقيت كامنة مستورة، و لما استبنت لها يد الدهر صورة، و لاستمرّ السّرار بأهلّتها، و استولى الخفاء على جملتها، إلى فوائد لا يدركها الإحصاء، و محاسن لا يحصرها الاستقصاء.

إلّا أنّك لن ترى على ذلك نوعا من العلم قد لقي من الضّيم ما لقيه، و مني من الحيف بما مني به، و دخل على الناس من الغلط في معناه ما دخل عليهم فيه، فقد سبقت إلى نفوسهم اعتقادات فاسدة و ظنون رديّة، و ركبهم فيه جهل عظيم و خطأ فاحش، ترى كثيرا منهم لا يرى له معنى أكثر ممّا يرى للإشارة بالرأس و العين، و ما يجده للخطّ و العقد، يقول: إنّما هو خبر و استخبار، و أمر و نهي، و لكل من ذلك لفظ قد وضع له، و جعل دليلا عليه، فكل من عرف أوضاع لغة من اللغات، عربية كانت أو فارسية، و عرف المغزى من كلّ لفظة، ثم ساعده اللسان على النطق بها، و على تأدية أجراسها و حروفها، فهو بين في تلك اللغة، كامل الأداة، بالغ من البيان المبلغ الذي لا مزيد عليه، منته إلى الغاية التي لا مذهب بعدها. يسمع الفصاحة و البلاغة و البراعة فلا يعرف لها معنى سوى الإطناب في القول، و أن يكون المتكلم في ذلك جهير الصوت، جاري اللسان، لا تعترضه لكنة، و لا تقف به حبسة،


[1] بسق النخل بسوقا أي طال. اه الصحاح مادة/ بسق/ (1/ 93).

[2] و هو العسل ما دام لم يعصر من شمعه واحدته شهدة. اه اللسان مادة/ شهد/ (3/ 243).

[3] و هي الأبد و قولهم: لا أفعله يد الدهر أي: أبدا.

[4] بفتح السين و كسرها آخر ليلة في الشهر و تقول: استسر القمر أي خفي ليلة السرار. اه اللسان مادة/ سرر/ بتصرف (4/ 357).

[5] قال في اللسان: قال الحربي: الخط هو أن يخط ثلاثة خطوط ثم يضرب عليهن بشعير أو نوى و يقول: يكون كذا و كذا و هو ضرب من الكهانة. اه اللسان مادة/ خطط/ (7/ 288). و العقد:

التفاهم بعقد الأصابع.

[6] اللكنة: هي عجمة في اللسان و عيّ. اه. اللسان مادة/ لكن/ (13/ 390).

[7] و هي تعذر الكلام عند إرادته. اه اللسان. مادة/ حبس/ (6/ 46).

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 15
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست