قلنا : ليس
مراده أنّ المرفوع في قولنا : جاءني رجل بدل لا فاعل ، فإنّه ممّا لا يقول به عاقل
فضلا عن فاضل ، بل المراد أنّ المرفوع في مثل قولنا : رجل جاءني أن يقدّر أنّ
الأصل جاءني رجل ، على أنّ رجلا بدل لا فاعل ففي مثل رجال جاؤوني يقدّر أنّ الأصل
جاؤوني رجال فليتأمّل (١). [ثمّ (٢) قال] السّكّاكي [وشرطه (٣)] أي وشرط كون
المنكّر من هذا الباب (٤) واعتبار التّقديم والتّأخير فيه [إذا لم يمنع من
التّخصيص مانع (٥) كقولك : رجل جاءني (٦) ، على ما مرّ] أنّ معناه (٧) رجل جاءني
لا امرأة أو لا رجلان (٨) [دون قولهم شرّ أهرّ ذا ناب (٩)]
(١) لعلّه
إشارة إلى أنّ تقدير كون المسند إليه في الأصل مؤخّرا على أنّه فاعل معنى مجرّد
اعتبار بل مجرّد فرض ، ومن البديهي أنّ فرض المحال ليس بمحال ، فبمجرّد تقدير
الوقوع لا يستلزم الوقوع كي يكون ذلك خلاف الاستعمال.
(٢) كلمة «ثمّ»
العاطفة هنا وفي جميع ما سيأتي إنّما هي لمجرّد التّرتيب في الذّكر والتّدرّج في
مدارج الارتقاء ، وذكر ما هو الأولى ، ثمّ الأولى دون اعتبار التّراخي والبعد بين
تلك المدارج ، ولا أنّ الثّاني بعد الأوّل في الزّمان ، لأنّ قول السّكّاكي : إذا
لم يمنع مانع ، متّصل ببيان التّخصيص والاستثناء.
(٣) بيان
للشّرط الثّالث ، فحاصل كلام السّكّاكي إلى هنا أنّ تقديم المسند إليه المنكّر
يفيد التّخصيص بثلاثة شروط ، وقد تقدّم الكلام في الشّرط الأوّل والثّاني ،
والشّرط الثّالث أن لا يمنع من التّخصيص مانع.
(٤) أي من باب (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى).
(٥) هذا توطئة
لبيان انتفاء التّخصيص فيقولهم : شرّ أهرّ ذا ناب ، وذلك لوجود مانع فيه.
(٦) مثال لما
لا مانع فيه من التّخصيص كما مرّ ، فهو مثال المنفيّ.
(٧) أي معنى
رجل جاءني ، رجل جاءني لا امرأة ، فيكون لتخصيص الجنس ، ويكون قصر قلب.
(٨) أو معناه
رجل جاءني لا رجلان فيكون لتخصيص الواحد ويكون قصر إفراد.
(٩) الهرير صوت
الكلب عند تأذّيه وعجزه عن دفع ما يؤذيه ، أي شرّ جعل الكلب ذا النّاب مهرّا أي
مصوّتا ومفزعا.