وفي اللّفظ مطابق له [فلتخصيصه] أي المسند إليه [بالمسند (١)] يعني (٢)
لقصر المسند على المسند إليه ، لأنّ معنى قولنا : زيد هو القائم ، إنّ القيام
مقصور على زيد لا يتجاوزه إلى عمرو ، فالباء (٣) في قوله : فلتخصيصه بالمسند مثلها
في قولهم : خصّصت فلانا بالذّكر ، أي ذكرته دون غيره ، كأنّك جعلته من بين الأشخاص
مختصّا بالذّكر أي منفردا به والمعنى ههنا جعل المسند إليه من بين ما يصحّ اتّصافه
بكونه مسندا إليه مختصّا بأنّ يثبت له المسند كما يقال : في (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) معناه نخصّك (٤) بالعبادة ولا نعبد غيرك.
المغني ، فلا يكون عين المسند إليه في المعنى ، إذ لا يكون معنى الحرف
والاسم واحدا.
(١) قاعدة :
إنّ الباء إذا دخلت على المقصور عليه ، تكون بمعنى على ، وإذا دخلت على المقصور لا
تكون إلّا زائدة ، ولا تكون للاختصاص بل للامتياز ، ونظرا إلى هذه القاعدة فسّر الشّارح
قوله : «بالمسند» بقوله : «يعني لقصر المسند على المسند إليه» حيث أشار به إلى أنّ
الباء داخلة على المقصور والتّخصيص بمعنى القصر إذ لو كانت الباء داخلة على
المقصور عليه ، لما كانت محتاجة إلى التّفسير والتّأويل.
(٢) التّفسير
إشارة إلى أنّ الباء داخلة على المقصور ، فيكون من قصر الصّفة على الموصوف ، لأنّ
المسند صفة للمسند إليه.
(٣) هذا الكلام
تأويل وإشارة إلى إصلاح عبارة المصنّف لإيهامها خلاف المقصود ، لأنّ قوله : «بالمسند»
يدلّ على تخصيص المسند إليه بالمسند وهو قصره بالمسند ، لأنّ معناه جعل المسند
إليه بحيث يخصّ المسند ولا يعمّ غيره ، وذلك لأنّ الباء إنّما تدخل إلى المقصور
عليه ، مع أنّه ليس بمراد ، لأنّ المذكور في كتبهم تخصيص المسند بالمسند إليه ،
وحاصل التّأويل والإصلاح : إنّ ما بعد الباء وإن كان هو المقصور عليه باعتبار أصل
اللّغة ، إلّا أنّ العرف الاصطلاحيّ نقله إلى خلاف ذلك ، وهو أن يكون ما بعد الباء
، هو المقصور على ما قبله.
(٤) أي نجعلك
منفردا بالعبادة لا نعبد غيرك ، مع أنّ المراد اختصاص العبادة ولا اختصاصه تعالى
بالعبادة كأنّه قيل
: نخصّك من بين
جميع المعبودين بالعبادة ، فكذا ههنا المراد اختصاص المسند بالمسند إليه على معنى
اختصاص المسند إليه من بين جميع ما يصلح لأن يكون مسندا إليه بإثبات المسند له.