نحو : ليدخل الدّار زيد أو عمرو ، والفرق بينهما (١) أنّ في الإباحة يجوز
الجمع بينهما بخلاف التّخيير. [وأمّا فصله] أي تعقيب المسند إليه بضمير الفصل (٢)
، وإنّما جعله (٣) من أحوال المسند إليه ، لأنّه يقترن به أوّلا ، ولأنّه في
المعنى عبارة عنه
أو الضّلال ، ولم يقل : إنّا لعلى هدى وأنتم في ضلال مبين ، لأنّه فضلا عن
كونه خلاف التّأدّب في أكثر المقامات ممّا يجرّ العصبيّة ، ويزيد في الضّالّ عتوّا
على عتوّه ، وبعدا عن التّفكّر ، ففي التّعبير المذكور إسماع المخاطبين الحقّ على
وجه لا يثير غضبهم ، فالنّكتة دفع الشّغب من دون أن يزيد في إنكارهم.
قال قطب الدّين
: إنّما خولف بين (على) و (في) في الدّخول على الحقّ والباطل ، لأنّ صاحب الحقّ
كأنّه على فرس جواد يركض به حيث يشاء ، وصاحب الباطل كأنّه منغمس في ظلام لا يدري
أين يتوجّه.
(١) أي بين
التّخيير والإباحة ، إنّ التّخيير يفيد ثبوت الحكم لأحدهما فقط بالقرينة الخارجيّة
حيث دلّت على طلب أحد الأمرين بخلاف الإباحة حيث يجوز الجمع بينهما أيضا ، لكن لا
من حيث مدلول اللّفظ بل بالقرينة الخارجيّة ، فالمثال المذكور صالح للتّخيير
والإباحة ، والتّعيين إنّما هو بدليل خارجي.
(٢) في
التّفسير المذكور إشارة إلى أنّ قوله : «فصله» بمعنى ضمير الفصل لا المعنى
المصدريّ ، فيكون على حذف المضاف ، أي إيراد الفصل ، فهو بيان حاصل المعنى.
(٣) أي ضمير
الفصل ، هذا جواب عن سؤال مقدّر : وهو أنّه لماذا جعل المصنّف ضمير الفصل من أحوال
المسند إليه دون المسند ، ولم يجعله من أحوالهما مع أنّه لا يتحقّق إلّا بين
المسند إليه والمسند ، ومع أنّ المسند عين المسند إليه.
وحاصل
الجواب : إنّما جعله من
أحوال المسند إليه لأنّ ضمير الفصل يقترن بالمسند إليه أوّلا وقبل مجيء الخبر ،
هذا أوّلا ، وثانيا أنّه في المعنى عبارة عن نفس المسند إليه «وفي اللّفظ مطابق له»
أي في التّذكير والتّأنيث والإفراد والتّثنية والجمع بخلاف المسند ، فإنّه قد يكون
فعلا مضارعا ، فلا تحصل المطابقة في اللّفظ ، ثمّ ما ذكرناه من أنّ ضمير الفصل هو
عين المسند إليه في المعنى مبنيّ على ما هو المشهور من كونه اسما ، وجعله مبتدأ أو
تأكيدا أو بدلا ، وأمّا على مذهب أكثر البصريّين من أنّه حرف على ما صرّح صاحب