وهذا (١) من عادة افتنان صاحب المفتاح حيث (٢) قال في التّأكيد للتّقرير ،
وههنا لزيادة التّقرير ، ومع هذا (٣) فلا يخلو عن نكتة لطيفة ، وهي الإيماء إلى
أنّ الغرض من البدل هو أن يكون مقصودا بالنّسبة ، والتّقرير زيادة تحصل (٤) تبعا
وضمنا بخلاف التّأكيد ، فإنّ الغرض منه نفس التّقرير والتّحقيق ، [نحو : جاءني
أخوك زيد] في بدل الكلّ (٥) ،
(١) يمكن أن
يكون جوابا عن سؤال مقدّر : وهو أنّه على التّقدير الأوّل أعني إضافة الزّيادة إلى
التّقرير من قبيل إضافة المصدر إلى المعمول ، فالفرق بين البدل والتّوكيد واضح ،
لأنّ التّوكيد للتّقرير ، والبدل لزيادة التّقرير ، لأنّ في البدل تقرير المتبوع ،
وهو المبدل منه ، وتقرير الحكم أيضا لكونه بتكرير العامل ، وأمّا في التّأكيد ففيه
تقرير المتبوع فقط ، وهو المؤكّد لا غير ، ولازم ذلك أنّ في البدل زيادة تقرير
ليست في التّأكيد ، فلهذا قال في التّأكيد : «أمّا توكيده ، فللتّقرير» ، وفي
البدل «فلزيادة التّقرير» وأمّا على التّقدير الثّاني أعني إضافة الزّيادة إلى
التّقرير من قبيل الإضافة البيانيّة ، فلا فرق بينهما أصلا ، لأن المراد من
الزّيادة هو نفس التّقرير عندئذ.
وحاصل
الجواب : إنّ التّعبير
بزيادة التّقرير إنّما هو من باب التّفنّن ، وهو عبارة عن التّعبير عن المعنى
الواحد بعبارات مختلفة ، وقد أخذ المصنّف هذا من لفظ المفتاح.
(٢) علّة ال «افتنان»
، يعني قال صاحب المفتاح في التّأكيد للتّقرير ، وههنا لزيادة التّقرير مع أنّ
المراد هو أمر واحد أعني التّقرير.
(٣) أي مع كون
قول المصنّف «فلزيادة التّقرير» في البدل تفنّنا «لا يخلو عن نكتة لطيفة ، وهي
الإيماء» أي الإشارة إلى أنّ البدل هو المقصود بالنّسبة ، أي والمبدل منه وصلة له
، وهذا الإيماء إنّما يحصل بذكر الزّيادة ، فإنّه يشعر بأنّ التّقرير ليس مقصودا
من البدل بل أمر زائد على المقصود منه ، وذلك الإيماء إنّما يكون في الوجه الثّاني
الّذي هو إضافة البيان ، وأمّا على الوجه الأوّل الّذي هو إضافة المصدر ، فلا يحصل
الإيماء.
(٤) أي بحسب
أصل الكلام ، وإلّا فهو المقصود بهذا الفنّ ، إذ هو إنّما يبحث عن المعنى الزّائد
عن أصل الكلام ، وكيف كان يمكن أن يكون قوله : «فلزيادة التّقرير» لنكتة لا
للافتنان فقط ، وتلك النّكتة هي الإيماء المذكور.
(٥) وهو الّذي
يكون ذاته عين ذات المبدل منه ، وإن كان مفهوماهما متغايرين ، كما في