وامتناع وصفه (١) بنعت الجمع للمحافظة على التّشاكل اللّفظي [ولأنّه] أي
المفرد الدّاخل عليه حرف الاستغراق [بمعنى كلّ فرد لا مجموع الأفراد ولهذا (٢)
امتنع وصفه بنعت الجمع] عند الجمهور وإن حكاه (٣) الأخفش في نحو : أهلك النّاس
الدّينار الصّفر والدّرهم البيض [وبالإضافة]) أي تعريف المسند إليه بالإضافة إلى
شيء من المعارف (٤) [لأنّها] أي الإضافة [أخصر طريق (٥)] إلى إحضاره في ذهن
السّامع
(١) أي المفرد
المعرّف بلام الاستغراق ، هذا الكلام دفع توهّم وهو أنّه إذا كانت أداة الاستغراق
لا تدخل على المفرد إلّا بعد تجريده عن معنى الوحدة حتّى لا تتناقض الصّفة
ومدلولها ، فلم لا يوصف بنعت الجمع بعد ما عرفت من عرائه من معنى الوحدة.
وملخّص الدّفع
: إنّ امتناع وصف المفرد المعرّف بلام الاستغراق بنعت الجمع للمحافظة على التّشاكل
اللّفظي بين الصّفة والموصوف ، هذا أوّلا ، وثانيا ما أشار إليه المصنّف بقوله : «ولأنّه»
أي المفرد الدّاخل عليه حرف الاستغراق «بمعنى كلّ فرد لا مجموع الأفراد» فمعنى
قولنا : الرّجل كلّ فرد من أفراد الرّجال على سبيل البدل ، لا مجموع الأفراد.
(٢) أي لأجل
كون المفرد المستغرق بمعنى كلّ فرد لا مجموع الأفراد امتنع وصفه بصفة الجمع لئلّا
يلزم التّنافي بين الصّفة والموصوف ، ف لا يقال : جاءني الرّجل العالمون ، إذ معنى الرّجل كلّ فرد فرد على
البدل ، ومعنى العالمون هو مجموع الأفراد ، فقولنا : الرّجل لا ينافي الوحدة ،
إلّا أنّ قولنا : العالمون ينافي الوحدة.
(٣) أي حكى
الأخفش جواز وصف المفرد المعرّف بلام الاستغراق بصفة الجمع في مثل الدّينار الصّفر
، والدّرهم البيض حيث وقع الجمع ، أعني الصّفر جمع أصفر والبيض جمع أبيض نعتا
للدّينار والدّرهم ، وهما يكونان مفردين ، ومثل المعروف في قولهم : أهلك النّاس
الدّينار الصّفر والدّرهم البيض.
(٤) أي
كالإضافة إلى العلم وذي اللّام واسم الإشارة والموصول.
(٥) أي باعتبار
المفهوم الّذي قصد المتكلّم إحضار المسند إليه ، كما في البيت الآتي حيث إنّ
مقصوده إحضاره باعتبار كونه مهويّا ليفيد زيادة التّحسّر ، وله طرق ، أعني الّذي
أهواه ، ومن أهواه ، وهواي ، وأخصرها الأخير ، فعليه لا يرد أنّ الحكم بكون
الإضافة أخصر طريق إنّما يتمّ بالإضافة إلى الموصول ، وأمّا بالإضافة إلى العلم ،