ويوصف بالجملة (١) كقوله : «ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني» (٢). [وقد يفيد]
المعرّف باللّام المشار بها إلى الحقيقة [الاستغراق (٣) نحو : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ)[١] (٤)] أشير باللّام إلى الحقيقة لكن لم يقصد بها الماهيّة من حيث هي هي ،
ولا من حيث تحقّقها في ضمن بعض الأفراد ، بل في ضمن الجميع بدليل صحّة الاستثناء
الّذي شرطه دخول
(١) عطف على
قوله : «يعامل» من قبيل عطف المعلول على العلّة.
(٢) البيت هكذا
:
ولقد أمرّ
على اللّئيم يسبّني
فمضيت ثمّة قلت : لا يعنيني
فقوله : «أمرّ»
بمعنى مررت ، وإنّما عدل عنه إلى المضارع لقصد تصوير الحالة العجيبة واستحضارها ، «اللّئيم»
الدّنيء الأصل والبخيل ، «يسبّني» مضارع من السّبّ بمعنى الشّتم «مضيت» من المضيّ
بمعنى التّرك ، «ثمّة» حرف عطف ، والباقي واضح.
والشّاهد : في
قوله : «اللّئيم» حيث إنّه وصف بالجملة أعني «يسبّني» وهو المعرّف بلام العهد
الذّهني حيث إنّ القائل لم يرد لئيما معيّنا ، إذ ليس فيه إظهار ملكة الحلم
المقصودة بالتّمدّح بها ، ولا الماهية من حيث هي هي ، لأنّها ليست قابلة للمرور
ولا جميع أفراد اللّئيم لعدم إمكان المرور على كلّ لئيم في العالم ، فيتعيّن أن
يكون المراد به الجنس في ضمن فرد مبهم. وبعبارة أخرى : أنّه ليس المراد باللّئيم
شخصا معيّنا معهودا في الخارج ، بل المراد به أنّ كلّ لئيم عادته السّبّ والشّتم
كائنا من كان ، لأنّ القائل أراد بقوله هذا إظهار أنّ له ملكة الحلم ، وشيم الكرام
(الَّذِينَ إِذا
مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا
سَلاماً ،) وهذا المعنى لا يناسب إرادة لئيم خاصّ ، بل المناسب له
إرادة مطلق من كان كذلك ، ثمّ الوجه لكون الجملة صفة لا حالا ، أنّ الغرض أنّ
اللّئيم دأبه السّبّ والشّتم ، ومع ذلك يتحمّله القائل ، ويعرض عنه ، وليس الغرض
تقييد السّبّ بحال المرور فقط ، كما هو مقتضى الحالية.
(٣) أي استغراق
جميع الأفراد ، وهذا هو القسم الثّالث من أقسام لام الحقيقة.