ثمّ حذف بخلاف المسند فإنّه (١) ليس بهذه المثابة (٢) فكأنّه (٣) ترك من
أصله (٤) [فللاحتراز عن العبث (٥) بناء على الظّاهر (٦)] لدلالة القرينة عليه وإن
كان في الحقيقة هو الرّكن من الكلام [أو تخييل العدول (٧) إلى أقوى الدّليلين من
العقل واللّفظ] فإنّ (٨) الاعتماد عند الذّكر على دلالة اللّفظ من حيث الظّاهر (٩)
(٥) أي
التّكلّم بما لا فائدة فيه ، بناء على ظاهر حال المخاطب.
(٦) إنّما قال «بناء
على الظّاهر» لأنّ المسند إليه ركن الكلام ، فلا يكون ذكره عبثا في الحقيقة ، بل
ذكره عبث بالنّظر إلى الظّاهر لوجود القرينة الدّالّة عليه ، فيكون قوله : «لدلالة
القرينة عليه» علّة للزوم العبث لو لم يحذف ، لأنّه إذا قامت القرينة الدّالّة
لكان ذكره عبثا بهذا المعنى لا في الحقيقة ونفس الأمر.
(٧) عطف على
قوله : «الاحتراز» أي إيهام المتكلّم للسّامع العدول إلى أقوى الدّليلين ، أي
إيقاعه في ذهنه العدول ـ بسبب الحذف أي يوقع المتكلّم في وهم المخاطب والسّامع
بسبب الحذف أنّه عدل إلى أقوى الدليلين أعني العقل ، لأنّ إدراك المسند إليه عند
الحذف إنّما هو بالعقل خاصّة ثمّ التّخييل مصدر مضاف إلى مفعوله الثّاني ، ومفعوله
الأوّل اعني السّامع محذوف ، ثمّ قوله : «من العقل واللّفظ» بيان للدّليلين لا
لأقواهما.
(٨) بيان لكونه
دلالة العقل أقوى من دلالة اللّفظ.
(٩) أي الدّالّ
عند الذّكر هو اللّفظ بحسب الظّاهر ، وإلّا فالدّالّ في الحقيقة هو العقل إمّا
بواسطة لفظ إن كان هناك لفظ أو بمحض العقل إن لم يكن ، ويمكن أن يكون قوله : «فإنّ
الاعتماد عند الذّكر على دلالة اللّفظ من حيث الظّاهر» جوابا عن سؤال ، وهو كيف
يعتمد على اللّفظ مع أنّه لا بدّ من دلالة العقل بأن يعلم أنّ هذا اللّفظ موضوع
لكذا؟
فأجاب بأنّ
الاعتماد على اللّفظ إنّما هو بحسب الظّاهر ، وإن اعتمد بحسب التّحقيق على العقل
مع اللّفظ ، وقوله : «وعند الحذف على دلالة العقل» أي من حيث الظّاهر أيضا بدليل
قوله الآتي : «وإنّما قال : تخييل ، لأنّ الدّالّ ...»