والمراد بالاعتقاد (١) الحكم الذّهنيّ الجازم أو الرّاجح ، فيعمّ العلم
والظّنّ وهذا (٢) يشكل بخبر الشّاكّ لعدم الاعتقاد فيه (٣) فيلزم الواسطة ولا يتحقّق
الانحصار اللهمّ (٤)
(١) أي المراد
بالاعتقاد هو مطلق الرجحان الشّامل لليقين والجهل المركّب والتّقليد والظّنّ.
ولمّا كان الاعتقاد عند الأصوليّين مقابلا للعلم والظّنّ ، فإنّ الاعتقاد عندهم هو
الإدراك الجازم لا لدليل ، والعلم هو الإدراك الجازم الحاصل من الدّليل ، والظّنّ
هو الإدراك الغير الجازم ، بيّن أنّ المراد به هنا ليس ما هو المصطلح عند
الأصوليّين ، بل المراد به هنا هو مطلق الرّجحان.
فالخبر المطابق
لاعتقاد المخبر صادق عند النّظّام سواء كان هذا الاعتقاد يقينا أو تقليدا ـ وهو
الحكم الجازم الّذي يقبل التّشكيك ـ أو جهلا مركّبا أو ظنّا.
والخبر الموهوم
والمشكوك وما لا يطابق اعتقاد المتكلّم كاذب ، غاية الأمر كذب الأوّلين لعدم
الاعتقاد ، وكذب الثّالث لعدم مطابقة الخبر للاعتقاد. إلّا أن يقال بأنّ خبر
الشّاك لا يكون كاذبا كما لا يكون صادقا ، فتلزم الواسطة ولا يتحقّق الانحصار ، أي
انحصار الخبر في الصّدق والكذب ، وقد أشار إلى الإشكال بقوله : «وهذا يشكل».
(٢) أي تفسير
الصّدق والكذب عند النّظّام يشكل بخبر الشّاكّ لعدم الاعتقاد فيه ، فتلزم الواسطة
إذ لا
يصدق على خبر
الشّاكّ أنّه مطابق للاعتقاد كي يكون صادقا ، أو أنّه غير مطابق له كي يكون كاذبا
وذلك لعدم الاعتقاد.
(٣) أي في خبر
الشّاكّ.
(٤) وقد جرت
العادة باستعمال هذا اللّفظ فيما في ثبوته ضعف ، فكأنّه يستعان في إثباته بالله
تعالى ، ووجه الضّعف ههنا أنّه خلاف المتبادر ، وأنّه يوهم وجود الاعتقاد في
المشكوك وجريان الكذب في الإنشاءات ، وهما على خلاف الإجماع.
قال المرحوم
الشّيخ موسى البامياني رحمهالله في كتابه (المفصّل في شرح المطوّل) ما هذا لفظه : ووجه
الضّعف في المقام أمران : الأوّل
: إنّ الالتزام
بأنّ قوله : «وكذب الخبر عدم مطابقته لاعتقاد المخبر» يكون شاملا لفرضين :
الأوّل
: أن يكون
للمتكلّم اعتقاد ، ولم يكن الخبر مطابقا له على نحو مفاد القضيّة السّالبة بانتفاء
المحمول.