وقيل في الفرق
: إنّ المصنّف عرّف التّعقيد دون نظائره ، لأنّ له سببين :
الأوّل
: هو الخلل في
النّظم.
والثّاني : هو الخلل في الانتقال.
فلو اقتصر
المصنّف في التّعقيد على مجرّد التّمثيل لم يعلم المراد ، هذا بخلاف الضّعف
والتّنافر حيث يكون كلّ منهما سبب واحد وهو خلاف القانون النّحوي في الأوّل ،
والثّقل على اللّسان في الثّاني.
الأمر الثّاني : بيان ما هو الوجه لتفسير الشّارح «التّعقيد» بقوله : «أي
كون الكلام معقّدا» فنقول : إنّ الشّارح قد أشار بهذا التّفسير إلى أنّ المصدر
أعني «التّعقيد» ليس بمعناه المصدري ، ولا بمعنى اسم فاعل ، بأن يكون من المبنيّ
للفاعل لأنّه على كلا التّقديرين من صفات المتكلّم ، فإنّ التّعقيد بمعنى إيجاد
العقدة من صفات المتكلّم كما أنّ «التّعقيد» بمعنى معقّد من صفات المتكلّم ، فلا يصحّ
حمل «أن لا يكون الكلام ظاهر الدّلالة على المراد» على التّعقيد بهذا المعنى ،
لأنّ عدم ظهور الدّلالة على المعنى المراد ، إنّما هو من صفات الكلام دون المتكلّم
، فلا بدّ من تفسير التّعقيد بكون الكلام معقّدا كي يكون من صفات الكلام فيصحّ حمل
قوله : «أن لا يكون الكلام ...» عليه ، فهذا التّفسير في الحقيقة جواب عن سؤال
مقدّر ، وهو أنّ التّعقيد بمعنى إيجاد الفعل من صفات المتكلّم ، فكيف جعله المصنّف
من صفات الكلام؟
والجواب
: إنّ التّعقيد
بمعنى كون الكلام معقّدا ليس من صفات المتكلّم ، بل هو من صفات الكلام ، غاية الأمر
يكون المصدر من المبنيّ للمفعول لا بمعنى اشتقاق المصدر من الفعل المجهول كي يقال
: إنّ المصدر لا يؤخذ من الفعل ، بل الفعل يؤخذ منه ، بل بمعنى أنّ المصدر كان في
الأصل فعلا مجهولا ، ثمّ أوّل إلى المصدر بسبب أداة المصدر ، وقد ذهب الشّارحين في
المقام إلى اليمين والشّمال تركناه رعاية للاختصار.
(١) أي في
التّركيب سواء كان نظما أو نثرا ، وهذا هو التّعقيد اللّفظي وما يأتي في قوله «وإمّا
في الانتقال» هو التّعقيد المعنوي ، وظاهره أنّ القضيّة حقيقيّة أي مانعة الجمع
والخلوّ ، وقيل
: إنّها مانعة
الخلو فيجوز الجمع.