المدار في فصاحة الكلام الخلوص من المجموع لا من كلّ واحد ، مع أنّ الأمر
بالعكس.
(١) أي مع
فصاحة الكلمات ، ثمّ كلمة «مع» في قوله : «مع فصاحتها» لأحد معان ثلاث ، لمكان
الاجتماع نحو جلست مع زيد ، وزمانه نحو جئت مع زيد ، وبمعنى عند نحو جلست مع
الدّار ، لأنّ كلمة (مع) عند إضافتها تأتي للمعاني المذكورة.
(٢) يعني قوله
: «مع فصاحتها» حال من الضّمير في خلوصه ، فالمعنى أنّ الفصاحة في الكلام خلوصه
ممّا ذكر مع فصاحة كلماته ، فيكون مبيّنا لهيئة صاحبه ، وهو الكلام الّذي هو مرجع
الضّمير فيكون الكلام مع خلوّه عن الأمور الثّلاثة مقارنا بفصاحة كلماته ويكون
الحال قيدا لنفس الخلوص ، وحينئذ فالمعنى والفصاحة في الكلام : هو انتفاء ضعف
تأليفه وتنافر كلماته وتعقيده حالة كون فصاحة كلماته تقارن ذلك الانتفاء.
فإن قلت : إنّ كون الظّرف حالا من الضّمير في خلوصه ينافي تصريحهم
بأنّ ظرف اللّغو لا يقع حالا ولا خبرا ولا صفة ، وذلك لأنّ العامل فيه عندئذ
الخلوص ، حيث إنّ العامل في الحال وصاحبه واحد فيكون ظرفا لغوا.
قلت
: إطلاق الحال
على نفس الظّرف مسامحة من قبيل إطلاق اسم الكلّ على الجزء ، لأنّ الحال في الحقيقة
هو الظّرف مع متعلّقه ولازم ذلك كون الظّرف مستقرّا ، لأنّ العامل هو الفعل
المقدّر.
(٣) أي احترز
المصنّف بقوله : «مع فصاحتها» عن مثل زيد أجلل ، وشعره مستشزر ، وأنفه مسرّج ، إذ
لو لا هذا القيد لما حصل الاحتراز عن هذه الأمثلة ونظائرها بمجرّد الإتيان بضعف
التّأليف وتنافر الكلمات والتّعقيد في التّعريف ، لكونها خالية عن هذه الأمور. نعم
، شعره مستشزر مشتمل على كلمة متنافرة ، ولكن لا يوجب ذلك عدم خلوصه من تنافر
الكلمات ، لعدم اشتماله على كلمتين متنافرتين فصاعدا ، فهو خالص عن تنافر الكلمات
ولا يكون خالصا عن كلمة حروفها متنافرة ، فمن ذلك أتى بقوله : «مع فصاحتها»
للاحتراز عن هذه الأمثلة فإنّها لعدم كونها مشتملة على فصاحة جميع مستشزر ، وأنفه
مسرّج