أنشده بنصب أيّ على الحال. قال أبو حيّان: و لم يذكر أصحابنا وقوعها
حالا، و أنشدوا البيت برفع أيّما على الابتداء، و الخبر محذوف، و التقدير أيّ فتى
هو. و أجاز الأخفش وقوعها نكرة موصوفة قياسا على من و ما، نحو: مررت بأيّ، و
الجمهور على منعه لعدم ورود السماع به.
«» الرابع: أن تكون «وصلةلنداء ذي اللام»،نحو: يا أيّها الرجل، و ذلك أنّهم
استكرهوا اجتماع أداتي تعريف، و إن كان في إحداهما من الفائدة ما ليس في الأخرى
كما تقدّم، فحاولوا أن يفصلوا بينهما باسم مبهم يحتاج إلى ما يزيل إبهامه، فيصير
المنادى في الظاهر ذلك المبهم، و في الحقيقة ذلك المخصّص الّذى يزيل الإبهام، و
يعيّن الماهية، فوجدوا ذلك الاسم أيّا، إذا قطع عن الإضافة، و اسم الاشاره، حيث
وضعا مبهمين مشروطا إزالة إبهامها، إلا أنّ أيّا أجدر بهذا الغرض، لأنّها أحوج إلى
الوصف من اسم الإشارة، لأنّها وضعت مبهمة، و إنّما يزال إبهامها باسم بعدها بخلاف
اسم الإشارة، فإنّ إبهامه كما يزال بالوصف يزال بالإشارة الحسيّة أيضا، فلهذا جاز
يا هذا، و لم يجز يا أيّ، و التزموا بعدها هاء التنبيه تنبيها على أنّ المنادى
الحقيقيّ ما بعدها.
قيل: و للتعويض عن مضافها المحذوف، و حكمها الفتح عند أكثر العرب، و
يجوز ضمّها فى لغة بني أسد[2]و قرئ بالسبع:يا أَيُّهَا السَّاحِرُ [الزخرف/ 49]، و قيل: إنّ هاء
التنبيه فى يا أيّها الرجل، ليست متّصلة بأيّ، بل منقولة من اسم الإشارة، و الأصل
يا أيّهذا الرجل، فأيّ منادى، ليس بموصوف، و هذا الرجل استئناف بتقدير هو لبيان إبهامه
و حذف ذا اكتفاء بها منها لدلالة الرجل عليها، و عليه الكوفيّون.
و زعم الأخفش أنّ أيّا لا يكون وصلة، و أنّ هذه موصولة، حذف صدر
صلتها، و هو العائد، و المعنى يا من هو الرجل. قال ابن هشام: و يردّه أنّه ليس لنا
عائد يجب حذفه، و لا موصول التزم كون صلته جملة اسميّة، و له أن يجيب عنها بأنّ ما
في قولهم:
لا سيّما زيد بالرفع كذلك، انتهى.
[1] - هو للراعي النميرىّ. اللغة: أومأت: أشرت
باليد أو بالحاجب أو نحوهما.