اسم الکتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية المؤلف : المدني، عليخان بن احمد الجزء : 1 صفحة : 792
يمكن أن يكون لهما محلّ كقولك قال زيد: أقسم لأفعلنّ، و إنّما المانع
عنده إمّا كون جملة القسم لا ضمير فيها، فلا تكون خبرا، لأنّ الجملتين هنا ليستا
كجملتي الشرط و الجزاء، لأنّ الجملة الثانية ليست معمولة لشئ من الجملة الأولى، و
لهذا منع بعضهم وقوعها صلة، و إمّا كون جملة القسم إنشائيّة و الجملة الواقعة خبرا
فلا بدّ من احتمالها للصدق و الكذب، و عندي أنّ كلّا من التعليلين ملغية، أمّا
الأوّل فلأنّ الجملتين مرتبطتان ارتباطا صارتا به كالجملة، و إن لم يكن بينهما
عمل، و أمّا الثاني فلأنّ الخبر الّذي شرطه احتمال الصدق و الكذب هو الخبر قسيم
الانشاء لا خبر المبتدأ.
قال: و زعم ابن مالك أنّ السماع ورد بما منعه ثعلب، و هو قوله تعالى:وَ الَّذِينَ آمَنُوا
وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ [العنكبوت/ 9]،وَ الَّذِينَ آمَنُوا
وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ [العنكبوت/ 58]،وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ [العنكبوت/ 69].
و عندي لما استدلّ به تأويل لطيف، و هو أنّ المبتدأ في ذلك كلّه ضمّن
معنى الشرط، و خبره مترّل مترلة الجواب، فإذا قدّر قبله قسم، كان الجواب له، و كان
خبر المبتدإ المشبهة بجواب الشرط محذوفا للاستغناء عنه بجواب القسم المقدّر قبله،
و نظيره في الاستغناء بجواب القسم المقدّر قبل الشرط المجرّد من لام التوطئة قوله
تعالى:وَ
إِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَ [المائدة/ 73] التقدير و اللّه ليمسنّ، و إن لم ينتهوا ليمسنّ، انتهى.
اجتماع الشرط و القسم:
«متى اجتمع»في الكلام «شرطو قسم»ملفوظ أو مقدّر «اكتفىبجواب المتقدّم منها»عن جواب المتأخّر لشدّة الاعتناء بالمتقدّم، فالشرط المتقدّم نحو: إن
جاء زيد و اللّه أكرمه، فالجواب المذكور للشرط، و جواب القسم محذوف لدلالة جواب
الشرط عليه، و القسم المتقدّم الملفوظ به، نحو: و اللّه إن جاء زيد لأكرمته، و
المقدّر نحو قوله تعالى:لَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَ [يوسف/ 32]، فالجواب المذكور للقسم
الملفوظ به في المثال و المقدّر في الآية، و جواب الشرط فيهما محذوف وجوبا لدلالة
القسم و جوابه عليه.
و جوّز الفرّاء، و قيل: الكوفيّون، و تبعهم ابن مالك جعل الجواب
للشرط، و إن تأخّر محتجّين بقوله [من الطويل]:
اسم الکتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية المؤلف : المدني، عليخان بن احمد الجزء : 1 صفحة : 792