اسم الکتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية المؤلف : المدني، عليخان بن احمد الجزء : 1 صفحة : 549
لا حاجة إلى ذكر الأفراد، لأنّ الكلّي ما لم يلحظ إفراده مجتمعة، و
لم تصر أجزاء لا يصحّ تأكيده بكلّ و جميع، انتهى.
«يصحّ افتراقها» أي الأجزاء، نحو: جاء القوم كلّهم
أو جميعهم أو عامّتهم. فالقوم ذو أجزاء يصحّ افتراقها، و هي زيد و عمرو و بكر و
غيرهم. و لا يجب صحّة افتراقها حسّا كهذا المثال، بل صحّته «و لو» كان
«حكما، نحو: اشتريت العبد كلّه» أو جميعه أو عامّته، فالعبد ذو
أجزاء، يصحّ افتراقها باعتبار الشراء مثلا، و إن لم يصحّ افتراقها باعتبار ذاته،
بخلاف جاء زيد كلّه، فإنّه لا يصحّ افتراق أجزائه، لا حسّا و لا حكما، و إنّما
يؤكّد بهذه الألفاظ ذو أجزاء كذلك، لأنّها إنّما تكون لتقرير الشمول الحكم، فما لم
يكن المؤكّد كذلك لم يمكن توهّم أنّ المراد الحكم على البعض، و إنّما حكم على
الكلّ تجوّزا.
«و تتّصل» أي ألفاظ التوكيد المعنويّ
«بضمير» عائد إلى المؤكّد لفظا، ليحصل الربط بين التابع و المتبوع
«مطابق للمؤكّد» في تذكيره و تأنيثه و إفراده، نحو: جاء زيد نفسه، و هند نفسها، و
الزيدان كلاهما و الهندان كلتاهما و الزيدون كلّهم و الهندات كلّهنّ كذا و الباقي.
الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية ؛ ص549
فليس من التوكيد" جميعا" في قوله تعالى:خَلَقَ لَكُمْ ما فِي
الْأَرْضِ جَمِيعاً [البقرة/
29]، خلافا لمن وهم، و لا من التؤكيد بكلّ قراءة بعضهم: إنا كلا فيها [غافر/ 48]،
خلافا للفرّاء و الزمخشريّ لعدم الضمير فيها، بل الصواب أنّ جميعا حال من ما
الموصولة، و كلّا بدل من اسم إنّ، و إبدال الظاهر من ضمير الحاضر بدل كلّ جائز،
إذا كان مفيدا للاحاطة، نحو: قمتم ثلاثتكم، و بدل الكلّ لا يحتاج إلى الضمير.
و يجوز في كلّ أن تلي العوامل إذا لم تتّصل بالضمير، نحو: جاءني كلّ
القوم. و يجوز مجيئها بدلا بخلاف جاءني كلّهم، فلا يجوز إلا في الضرورة، و خرّجها
ابن مالك أنّ كلّا حال من ضمير الظرف، و فيه ضعفان: تنكير كلّ بقطعها عن الإضافة
لفظا و معنى، و هو نادر كقول بعضهم: مررت بهم كلّا، أي جميعا، و تقديم الحال على
عاملها الظرفيّ، قاله ابن هشام في المغني.
تنبيه:التوكيد بجميع و عامّة غريب، و لذلك أهملهما أكثر المصنّفين، و من
التوكيد بجميع قول امرأة من العرب ترقص ولدها [من الرجز]:
579-
فداك حيّ خولان
جميعهم و همدان
و التاء في عامّة لازمة بمترلة هاء في نافلة فتصلح مع المذكّر و
المؤنّث، تقول:
اشتريت الأمة عامّتها، و العبد عامّته، كما قال تعالى:وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً [الأنبياء/ 72]،
اسم الکتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية المؤلف : المدني، عليخان بن احمد الجزء : 1 صفحة : 549