والإشفاق في عامّة الناس إشفاق من العذاب، وإشفاق على النفس من الانحراف، وعلى العمل من الحبط والضياع.
وهنا إشفاق للخواصّ، وهو: الإشفاق على قلبه عن الحضور مع الحقّ ودخول العوارض في قلبه التي تبعده عن الالتفات إلى المحبوب جلّ وعلا. ولكن لا بمعنى أنّ الإشفاق الأوّل غير موجود فيهم، بل هو موجود زائداً الإشفاق الأعلى. ويدلّنا على وجود الإشفاق الأوّل أيضاً في أولياء الله والمقرّبين قوله سبحانه وتعالى في وصفهم: ﴿إِلاَّ الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * للسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُون﴾[2].
فهذا إمّا أن يشمل المعصومين بمعنى : أنّهم يخشون السقوط عن مقام العصمة، وأنّ عصمتهم التي ستبقى أبداً تكون في طول هذه الخشية والإشفاق، أو يشمل ـ في الأقلّ ـ جميع غير المعصومين مهما بلغوا من درجات القرب والكمال.
وأخيراً أُشير إلى أنّ آيتين من آيات الإشفاق في القرآن نسبت الإشفاق إلى قيام الساعة:
الاُولى : قوله تعالى في وصف المتقين : ﴿الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ﴾[3].