«وَاقِعاً ذَلِكَ مِنْ قَرَابَتِكَ وَخَاصَّتِكَ حَيْثُ وَقَعَ».
أي ألزم قرابتك وخاصّتك وحاشيتك الحق، ليكون الصدق هو المقياس في التعامل مع الناس، مهما كان ومهما كلّف.
«وَابْتَغِ عَاقِبَتَهُ بِمَا يَثْقُلُ عَلَيْكَ مِنْهُ فَإِنَّ مَغَبَّةَ [1] ذَلِكَ مَحْمُودَةٌ».
فالمطلوب من الوالي أن يعمل ليرسم لنفسه العاقبة الأفضل انطلاقاً من اتخاذ الحق مع الجميع مقياساً.
وها هو أمير المؤمنين عليه السلام يقول عما دار بينه وبين أخيه عقيل، لما طلب منه أن يزيده صاعاً من بُرّ المسلمين:
«وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ عَقِيْلًا وَقَدْ أَمْلَقَ، حَتّى اسْتَمَاحَنِي مِنْ بُرّكُمْ صَاعاً، وَرَأَيْتُ صِبْيَانَهُ شُعْثَ الشّعُوْرِ غُبْرَ الأَلْوَانِ مِنْ فَقْرِهِمْ، كَأَنّمَا سُوّدَتْ وُجُوْهُهُمْ بِالعِظْلِمِ. وَعَاوَدَنِيّ مُؤَكّداً وَكَرّرَ عَلَيّ القَوْلَ مُرَدّداً، فَأَصْغَيْتُ إِلَيْهِ سَمْعِيْ، فَظَنّ أَنّيْ أَبِيْعُهُ دِيْنِيْ وَأَتّبِعُ قِيَادَهُ، مُفَارِقاً طَرِيْقِيْ. فَأُحْمِيَتْ لَهُ حَدِيْدَةً ثُمّ أَدْنَيْتُهَا مِنْ جِسْمِهِ لِيَعْتَبِرَ بِهَا، فَضَجّ ضَجِيْجَ ذِيْ دَنَفٍ مِنْ أَلَمِهَا، وَكَادَ أَنْ يَحْتَرِقَ مِنْ مِيْسَمِهَا. فَقُلْتُ لَهُ: ثَكِلَتْكَ الثّوَاكِلُ يَا عَقِيْلُ؛ أَتَئِنّ مِنْ حَدِيْدَةٍ أَحْمَاهَا إِنْسَانُهَا لِلَعِبِهِ، وَتَجُرّنِي إِلَىَ نَارٍ سَجَّرَهَا
[1] المغبة: العاقبة.