responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القيادة السياسية في المجتمع الإسلامى المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 57

قبل أن يصاغ- ولا ادَّخرت من غنائمها وَفْرا- مالًا-، ولا أعددت لبالي ثوبي طمرا، ولا حُزت من أرضها شبرا، ولا أخذت منه الّا كقوت أتان دَبِرَةٍ- الناقة التي عقر ظهرها فقل أكلها- ولهي في عَيني أوْهى وأهْوَن من عَفْصَةٍ مَقِرَةٍ- مرّة-. بلى! كانت في أيدينا فَدَك من كلّ ما أظلّته السماء، فشحت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس قومٍ آخرين، ونعم الحكَم الله، وما أصنع بفدكٍ وغير فدك، والنّفس مَظانُّها في غد جَدَث- القبر- تنقطع في ظُلمته آثارها وتَغيبُ أخبارها، وحُفرةٌ لو زِيدَ في فُسْحَتها، وأوْسَعَت يَدَا حافِرها لأضغَطها الحَجَرُ والمَدَرُ، وسدّ فرجها التراب المتراكم، وإنما هي نفسي أرُوضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر، وتَثبُت على جوانب المزلق، ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القزّ، ولكن هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جَشعي إلى تخيّر الأطعِمَة، ولعلّ بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشّبع، أو أبيت مِبْطاناً وحَولي بطونٌ غَرثى، وأكباد حرّى، أو أكون كما قال القائل:

وحسبُك داءً أن تبيت ببطنة


وحولك أكباد تحن إلى القدّ


أأقنع من نفسي أن يقال هذا أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش، فما خُلقت ليشغلني أكل الطيبات كالبهيمة المَربوطة همّها عَلَفُها، أو المرسلة شغلُها تقمُّمها، تكتَرِش من أعلافها، وتلهو عمّا يُرادُ بها، أو أُترك سُدىً، أو أُهمَلَ عابثاً، أوْ أجّر حبل الضّلالة، أو أعتَسِف- أركب الطريق على غير قصد- طريق المتاهة) [1].

هذا هو امام المسلمين حقا ومن يقتدي به ويسير على نهجه ويجسد تعاليمه فقد ربح، وفازت أمّة تتبع إماما كعلي عليه السلام، وافلحت لعمري في الدنيا والآخرة.


[1] - نهج البلاغة، قسم الرسائل، رقم 45.

اسم الکتاب : القيادة السياسية في المجتمع الإسلامى المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 57
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست