responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : في رحاب بيت الله المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 99

إن الأمر برمته قد لا يختلف عن ذاك الذي يأكل الطعام ليرفع جوعه ويملأ معدته فقط، أو يأكل الطعام ليستلذ به، ولكن العاقل فقط من يتناول الطعام لينمّي قوته؛ أي ليسعى نحو تحقيق الأهداف التي من أجلها يقبل على الطعام .. وكذلك أمر الحج الذي له هدف كبير جداً، رغم أننا قد نحرز أداءه من الوجهة الشرعية، ولكننا من الوجهة العرفانية لما نحقق مقصده بعد.

يقول تبارك اسمه: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْه اللّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَآ أُوْلِي الأَلْبَاب، أقول: لعل هذه الآية هي الآية المحورية في موضوع الحج، لأنها في الوقت الذي تبين أحكام الحج وتروكه ومدته، تحدد أيضاً الهدف الأسمى منه.

لقد جئنا إلى الحج لأننا نعرف أن أمامنا طريق طويل .. طويل ووعر .. فالمشاكل تعترضنا، والفتن تحيط بنا، والعقبات أمامنا، ولسنا على يقين من أننا سنبقى متمسكين، أم أن الفتن، ولا سيما فتن آخر الزمان ستسلبنا إيماننا- والعياذ بالله-، لا نعرف هل أننا سنتحدى الظروف الصعبة التي ستخوضها، أم أننا سننهار في مقابلها.

ربما يبقى الإنسان سنين طويلة مع الحق، ولكنه قد يخسر كل ما ضحى من أجله في لحظة حاسمة واحدة. وربما يحدث العكس تماماً، حيث يعيش المرء مع الباطل سنين طويلة وعمراً مديداً، ولكنه قد يربح الدنيا والآخرة في لحظة إشراق واحدة. وهذه هي السعادة الحقيقية التي خلق ابن آدم من أجل الإحساس بها.

وإنما جئنا إلى الحج لنضمن أكبر نسبة ممكنة من احتمالات السعادة، وذلك عبر التزود بالتقوى؛ التي هي زادنا الأوحد في الدنيا لمواجهة الفتن، وزادنا عند الموت لمواجهة سكراته القطيعة، كما هي

اسم الکتاب : في رحاب بيت الله المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 99
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست