تمثل بمجموعها بنود النهج الإسلامي العظيم، بينت أن الدنيا لا تستحق أن يبيع الإنسان آخرته من أجلها، وأن الجنّة الخالدة ورضوان الله الأكبر هما الثمن الأغلى الذي لا ينبغي أن يدفع لسائر الأمور الأخرى. فهل من المعقول أن يتجرأ الإنسان على بيع الجنّة التي عرضها السماوات والأرض للحصول على بيت مثلًا محدود المساحة في هذه الدنيا، وقد شيد من المال المسروق أو المغصوب .. أم هل يمكنه أن يبيع رضوان الله الذي يعجز الواصفون عن مجرد تخيّله، بشهوة عاجلة؟!
لقد خانت الدنيا الملوك والسلاطين والأثرياء والمترفين والمغرورين، وهم الذين وفوا لها مطلق الوفاء، وها هي الحضارات والدول القوية يعلوها تراب الأرض، تنتظر قيام الساعة لتبرز إلى ربّها، فكيف ستفي هذه الدنيا لمن قد يكتفي منها باللذّة البسيطة العاجلة.
إن من طبيعة خلقة هذا الوجود أن ابن آدم إذا مات أصبحت الدنيا لديه كأن لم تكن، إذ ستطوى طيّاً أمامه، وليست حاله آنذاك إلّا كحال من استيقظ بعد نوم ثقيل. فهل يصلح أن يبيع الإنسان آخرته بدنياه؟!
سيقف الإنسان يوم القيامة أمام ربّ العزّة والجبروت، فيُسأل عن الذين أُرسلوا إليه، كما يسأل عن أنفاسه وماله وشبابه، وعن مختلف المسؤوليات التي أُلقيت على عاتقه ..
ولكن لمّا كان الله أرحمَ الراحمين، فقد جعل للإنسان مناسبات ومنحه الفرص الثمينة لأن يحاسب نفسه فيضبطها ويكبح جماح شهواتها قبل أن يستدعيه في يوم القيامة.