من النعم التي منَّ الله تعالى بها على البشر، نعمة الرسالة. والملاحظ إن التعبير القرآني ب- (المنة) لم يأت إلّا في نعمة الرسالة، فمن دونها لا يمكن أن تنفع النعم الأخرى إن لم نقل أنها قد تنعكس وتنقلب لتصبح نقماً على الإنسان.
فالمال هو نعمة، ولكن الذي لا يعرف كيف يتصرف فيه يتحول بالنسبة إليه إلى نقمة. وهكذا الحال بالنسبة إلى النعم الأخرى كالشباب، والحرية، والعلم ... بل إن النعمة كلما كبرت وعظمت فانها تكون أخطر على الإنسان.
لماذا الرسالة أصل النعم
وعلى هذا فان السبب في كون الرسالة نعمة يمن الله بها على الإنسان، أنها تكمل سائر النعم الإلهية، وتجعل النعم الأخرى مفيدة بالنسبة إلى الإنسان. ومن هنا فان القرآن الكريم يؤكد على هذه الناحية مبيناً أن هذه النعمة نعمة الرسالة هي أعظم وأكبر نعمة أنعم بها علينا، كما يشير إلى هذه الحقيقة قوله تعالى: كَمَآ أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ ءَايَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ .. (البقرة/ 151).